[في الدعاوى]
  يؤخذ من ذلك:
  أن القاضي لا يطلب يمين المنكر، ولا يحلفه إلا إذا طلبها المدعي، وعلى هذا إذا تداعى الشخصان سلعة وهي في يد أحدهما، ولم يكن لأحد بينة حكم بها للذي هي في يده، فإن جاء أحدهما ببينة حكم بها له. فإن تداعياها وهي في يديهما أو في يد غيرهما حكم بها لمن بَيَّنَ، فإن بينا قسمت بينهما، فإن لم يكن لهما بينة فيحكم بها لمن حلف، فإن حلفا جميعاً قسمت، وإن نكلا قسمت أيضاً.
  وقد روي أنهما يستهمان أيهما يحلف فمن خرجت له القرعة حلف، وأخذ ما ادعى، روى ذلك أبو داود والنسائي، وقريب من ذلك رواه البخاري.
  قلت: الذي تقتضيه الأدلة هو ما ذكرناه أولاً، ويمكن أن تحمل الرواية هذه على أن الخصمين قد رضيا بالقرعة.
  وإنما قلنا إن الأصل هو ما ذكرنا؛ لأن كل واحد من المدعيين مدع للسلعة ومنكر لدعوى صاحبه، فإذا لم تكن بينة كان على كل واحد منهما اليمين لأنه منكر لدعوى صاحبه، وهذا على ما قضى به الحديث الصحيح المشهور: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر».
  ويشهد لما ذكرنا من التفصيل: أنه روي أن رجلين اختصما في دابة وليس لواحد منهما بينة، فقضى بها رسول الله ÷ بينهما نصفين. رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
  وروى أبو داود: ادعيا بعيراً في عهد رسول الله ÷ فبعث كل واحد بشاهدين فقسمه النبي ÷ بينهما نصفين. اهـ
  لكن يلزم أن يكون المتداعيان مستويين في اليد بأن تكون أيديهما ثابتة على المدعى فيه، أو أن يكون في يد غيرهما، وعلى هذا فمعنى الروايتين صحيح لا يظهر فيه خلاف، وإنما الخلاف فيما إذا تداعا الخصمان الدابة مثلاً وهي في يد