أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

المواطن التي لا يصلى فيها

صفحة 57 - الجزء 1

  وأبعارها؛ فإنها والغنم سواء في ذلك؛ لأنها مما يؤكل لحمه، وإنما كرهت لعلة أخرى هي: إما لأن الناس كانوا يقعدون لقضاء الحاجة بينها، وإما لما قد يحصل من نفارها وتحريك رؤوسها مما قد يشغل المصلي، ويؤيد هذا الوجه: ما روي: «فإنها خلقت من الشياطين».

  ٢ - كراهة الصلاة في المجزرة والمزبلة والحمام، والعلة في ذلك: ما في هذه الأماكن عادة من النجاسات والأقذار، ومن هنا فيشترط طهارة مكان المصلي، ولا تجزئ الصلاة في مكان متنجس، يؤيد ذلك قوله تعالى: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ..} الآية [البقرة: ١٢٥]، وحديث: أمر رسول الله ÷ ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب.

  ٣ - كراهة الصلاة على القبور وبينها؛ وكراهة الصلاة على القبر إما لأن فيه التشبه باليهود، وقد قال ÷: «لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، واليهود فعلوا ذلك تعظيماً لأنبيائهم، كما يشعر به سياق الحديث. وقد يكون ذلك من أجل حرمة قبر المؤمن، بدليل الاتفاق بين المسلمين على المحافظة على حرمة قبره، وأما قبر الكافر فللابتعاد عن قذارته، وأما كراهة الصلاة بين القبور فلما فيه من التشبه بعُبَّاد القبور، وقد يتوهم متوهم حين يرى من يصلي بين القبور أنه يعبد القبور.

  ٤ - كراهة الصلاة على ظهر الكعبة؛ وقد يكون ذلك لأن الله أوجب استقبال الكعبة، والمصلي فوقها ليس مستقبلاً لها.

  هذا، ويؤيد ما قلنا من اشتراط طهارة المكان الذي يصلى فيه:

  أ أن الصحابة حين دخل الأسرى المشركون مسجد المدينة استنكروا ذلك، وقالوا: يا رسول الله قوم أنجاس؛ فقال ÷: «ليس على الأرض من نجاستهم شيء ... إلخ».