صلاة الجماعة
  واختلف العلماء في صلاة الجماعة، فقال قوم: إنها فرض كفاية، وقال آخرون: إنها فرض عين، وقال بعض آخر: إنها سنة مؤكدة.
  والذي يظهر لي - والله أعلم -: أنه يجب أن يكون في المحلة التي تجمع الناس أذان وجماعة؛ لأن ذلك من شعائر الإسلام، ومن هنا روي كما في السير أن رسول الله ÷ كان يوصي سراياه وبعوثه بما معناه: إذا أتيتم أهل قرية أو محلة فتبينوا: فإن سمعتم أذاناً فكفوا عنهم، وإن لم تسمعوا فداهموهم، هذا معنى الرواية، وصلاة الجماعة من هذا الوجه فرض كفاية.
  فإذا كان في المحلة مسجد تقام فيه الجماعة لا محالة، فالمسنون الصلاة مع أهل المسجد جماعة، وهي من هذا الوجه مسنونة، ولا تكون الجماعة مسنونة إلا إذا كان المقدَّم لإمامة الصلاة خيارَ القوم؛ لحديث: «إذا أردتم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم».
  وفي المجموع بسنده إلى علي # في حديث طويل: (لأن أصلي الفجر والعشاء الآخرة في جماعة أحب إلي من أن أحيي ما بينهما، أو ما سمعت رسول الله ÷ يقول: «لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً».
  وأخرج مسلم عن عثمان قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «من صلى صلاة العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى صلاة الصبح في جماعة، فكأنما قام الليل كله».
  يستدل بهذا الحديث على أن صلاة الجماعة ليست واجبة، ويؤخذ منه زيادة فضل لهاتين الفريضتين على ما سواهما من الفرائض؛ وقد يكون ذلك لما فيهما من المشقة، حيث أن الإنسان في وقتهما يكون في معاناة شديدة من النوم.
  وفيه دليل على أن أعمال الفرائض والمحافظة على إقامتها على وجوهها أفضل من النوافل والتطوع.
  وفي المجموع بسنده عن علي # قال: (أفضل الأعمال إسباغ الطهور في السَّبَرَات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة).