أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

صلاة الجماعة

صفحة 99 - الجزء 1

  وروى أبو يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح كما في الروض عن علي #: أن رسول الله ÷ قال: «إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة - يغسل الخطايا غسلا»، وأخرجه الحاكم في المستدرك وأحمد عن ابن عباس، ورجاله رجال الصحيح، وغيرهم من المحدثين.

  سَبْرة وسَبَرات، مثل: سَجْدة وسَجَدات.

  - في ذلك دليل وبيان أن المشي إلى صلاة الجماعة من أفضل الأعمال، أو أن ذلك أفضل الأعمال، وقد جاء: «إن الصلاة خير موضوع وإنها خير الأعمال».

  نعم، الصلاة أفضل الأعمال بعد الإيمان، ومن هنا قدم الله تعالى في الذكر الإيمان ثم ثنى بالصلاة في نحو قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٢ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}⁣[البقرة].

  ويؤخذ من الحديث: أن الفضل وزيادة الأجر يكون بالمشقة، فكلما كان أكثر مشقة كان أكثر فضلاً وذلك من قوله: «إسباغ الوضوء في السبرات» والسَّبْرة هي: الضحوة الباردة، يعني إسباغ الوضوء في البرد الشديد.

  قوله: «وانتظار الصلاة بعد الصلاة» المراد - والله أعلم - أن يجلس المصلي بعد فعله للصلاة الأولى في مصلاه انتظاراً للصلاة الثانية، بدليل: «لا يزال العبد في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، حتى ينصرف أو يحدث». أخرجه أحمد، وبمعناه البخاري ومسلم، هكذا في الروض.

  نعم، أفضل الأعمال الإيمان، ثم الصلاة على الإطلاق، ثم إن الأعمال تختلف في أيها أفضل بحسب اختلاف الأشخاص والأزمان والأمكنة والظروف، فقد يكون الشخص قوياً جلداً ذا شجاعة وبأس والزمان زمن جهاد فيكون الأفضل في حقه الجهاد.