تعجيل الزكاة
  مع أن ما تجب عليه الزكاة يكون أخضر هو أنها تؤكل خضراء ولا تيبس فتدخر، وإنما ينتفع بها ما دامت خضراء بخلاف الحبوب والعنب والتمر فإنها تيبس وتدخر، وأعظم ما ينتفع بها الناس يابسة وتستمر منفعتها رطبة ويابسة.
  لذلك فقد يستدل الذي يقول بأنها لا تجب الزكاة في الخضراوات بأن حاجة الفقراء لسد حاجتهم من الغلة إلى الغلة متعلقة بالحبوب والتمر والزبيب دون الخضراوات فلا حاجة بهم إليها؛ لأنها فاكهة يتفكه بها وليست قوتاً وطعاماً، فهي حينئذ من الفضلات، وبأنها لا توجد إلا في بعض فصل من السنة ثم تنقطع.
  ونحن نقول: العمومات كما قدمنا أوجبت الزكاة في الخضراوات، وحديث: «ليس في الخضراوات صدقة» يراد به أنه لا زكاة فيها؛ لقلتها يوم ذاك في بلاد المسلمين.
  وقد قال تعالى في الزيتون والرمان بعد ذكره لهما: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام: ١٤١]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ٢٤ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ٢٥}[المعارج]، ولم يخص مالاً من مال؛ وعلى هذا فيجب أن يكون في مال من لا يكون ماله إلا الرمان والزيتون أو الرز والعدس ونحو ذلك يجب أن يكون في ماله حق معلوم للسائل والمحروم؛ ليُنْظَم في سلك ذلك الثناء العظيم، وليسلموا من مشابهة المشركين الذين لا يؤتون الزكاة، وليكونوا في مأمن من الوقوع فيما حكاه الله تعالى من الوعيد في قوله: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤}[المدثر].
  نعم، في بعض البلدان التي افتتحها المسلمون فيما بعد ما يكون معظم زراعتها للآرز وقصب السكر، ولا يكادون يعرفون من الحبوب إلا الآرز، ولا يعرفون إلا خبزه وأكله.
  وبعد، فالحصر الذي جاء في الرواية هو من قول الراوي، فمفهومه أن الرسول ÷ لم يفرض الزكاة في غير تلك العشرة الأصناف وذلك لا يدل على أنه لا زكاة في غيرها، بل لم يكن في عهده ÷ في البلاد الإسلامية مزارع