أزهار وأثمار من حدائق الحكمة النبوية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حديث الاستيقاظ]

صفحة 21 - الجزء 1

  أما ما يتساقط من جسد المغتسل أو من أعضاء المتوضئ فهو مستعمل، والتوضؤ بأوساخ الناس مما لا ينبغي أن يقع في تركه خلاف، والنفوس تنفر بطبعها عن غسالة أوساخ الناس، ومن هنا لم يرو في ذلك شيء، اللهم إلا رواية أن الصحابة كانوا يتمسحون بما تساقط من وضوء النبي ÷، ولم يكونوا يتمسحون به للوضوء وإنما للتبرك؛ فلا ينبغي أن يستدل به على جواز الوضوء بغسالة أوساخ الناس.

[حديث الاستيقاظ]

  حديث: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده» حديث مشهور رواه جمع كثير من المحدثين منهم مسلم والمؤيد بالله وذكره الهادي #.

  وهذا الحديث فيه إرشاد إلى ما هو الأولى والأحوط وليس النهي فيه للحظر؛ وذلك أن النائم إذا نام ويداه طاهرتان فالواجب هو استصحاب الطهارة المتيقنة إلى أن يرد عن ذلك ناقل محقق، والاستصحاب أحد الأدلة الشرعية كما حقق ذلك في الأصول.

  نعم، يؤخذ من الحديث: أن تطهير النجاسة الخفية يكون بثلاث غسلات، وأما تطهير النجاسة المرئية فالعبرة بزوالها يقيناً، فإذا زالت باليقين فقد طهر المحل.

  كما يؤخذ من الحديث: أن التقزز والاحتياط في مظانه مندوب إليه في الشرع.

[رطوبة الكافر]

  روي عن أبي ثعلبة الخشني قال: قلت: يا رسول الله إنا بأرض أهل كتاب أو نأتي أرض أهل الكتاب فنسألهم آنيتهم فقال: «اغسلوها ثم اطبخوا فيها»: حديث مشهور عند المحدثين وممن رواه البخاري ومسلم والمؤيد بالله وغيرهم كثير.

  قد استدل بهذا الحديث على أن رطوبة الكفار نجسة، وبقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}⁣[التوبة: ٢٨]، وبأن النبي ÷ أنزل وفد ثقيف في المسجد