تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): [في كيفية الجرح والتعديل وأسباب الجرح]

صفحة 31 - الجزء 6

  الاختبار، كما قد جاء عن عمر بن الخطاب فيمن شهد عنده فقال: «لا أعرفكما، و [لا] يضركما أني لا أعرفكما [فأتياني بمن يعرفكما]» فأتيَ إليه بمعدل لهما، فقال له: [أتعرفهما؟ قال: نعم، فقال:] هل عرفتهما في السفر الذي تبين فيه جواهر الرجال؟ قال: لا. فقال: هل صحبتهما في صباحهما ومسائهما؟ قال: لا. قال: هل عاملتهما في الدينار والدرهم التي يقطع بها الرحم؟ قال: لا. فقال: يا ابن أخي، ما عرفتهما، ائتياني بمن يعرفكما، ولم يخالفه أحد من الصحابة، فكان ذلك حجة من باب الإجماع.

  وبعد التعديل للشخص في قضية يكتفى به في كل حادثة، ولا يعتبر أن يعدل في كلما شهدوا وإن بعدت المدة من يوم التعديل؛ إذ الأصل العدالة.

  (و) اعلم أنه إذا عدل الشخص عدلان وجرحه آخران كان (الجارح أولى) من المعدل (وإن كثر المعدل) بأن كان عدد المعدلين أكثر من عدد الجارحين؛ إذ في العمل بالجرح حمل للمعدلين والجارحين على السلامة؛ لأن المعدل يشهد على الظاهر من حال الشاهد، وهي العدالة، والجارح محقق لحصول ما يجرح به، فعمل بهما وحملا على السلامة وكان الجارح أولى.

  فَرْعٌ: فإذا تهاترت بينتا الجرح والتعديل بطلتا، كأن يشهد الجارح بأن الشاهد قتل فلاناً، ويقول المعدل: إن فلاناً [باق] على الحياة، فيبطلان جميعاً ويرجع إلى الأصل، وهي العدالة إذا ظنها الحاكم، وإلا لم يحكم لملتبس⁣(⁣١) حاله. فإن شهد الجارح بمعصية وشهد المعدل بأن مرتكبها قد أصلح تلك المعصية واختبره المدة المعتبرة في الاختبار كان المعدل في هذه الصورة أولى.

  فَرْعٌ: وإن افتقر الحاكم إلى تعديل المعدل لزم تعديله للجهل بحاله وإن أدى إلى التسلسل.


(١) كذا في المخطوطات، ولعلها: بملتبس.