تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل):

صفحة 348 - الجزء 2

  الخمسَ أخذنا من تاجرهم الخمس ونحو ذلك، وذلك لا يحصل معه الاستغراق، والله أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، آمين.

  فَرْعٌ: (فإن التبس) هل يأخذون من تجارنا شيئاً أم لا، أو التبس قدر الذي يأخذون من تجارنا (أو لا تبلغهم تجارنا) بأن يكونوا في بلاد نازحة لا يصل إليهم تجارنا (فالعشر) يؤخذ من تجارهم في هذه الثلاثة الأحوال، ويتكرر بتكرر المرات، فكلما وصلوا إلى بلادنا بالمال أخذنا عشره مع اعتبار أن يكون نصاباً، لا دونه فلا يؤخذ منه شيء. ووجه اعتبار النصاب أنه حق يتعلق بالمال المتجر فيه فوجب أن يعتبر للأخذ منه النصاب كأموال التجارة.

  (و) اعلم أنه (يسقط) النوع (الأول) من هذه الانواع التي تؤخذ من أهل الذمة ونحوهم، والنوع الأول هي الجزية، فتسقط (بالموت و) كذا (الفوت) فإذا مات من هي عليه سقطت جزيته، وكذا لو فاتت بأن مضى الحول لم تؤخذ بعد، وقد مر أنه لو عجل الجزية لأعوام لم يرتجع جزية الحول الذي مات فيه، لا ما بعده فترد لورثته. وكذا تسقط الجزية بنحوهما - أعني: نحو الموت والفوت - وذلك كاللحوق بدار الحرب والجنون والشيخوخة والتخلي عن الناس والعمى والإقعاد ولم يكن مقاتلاً ولا ذا رأي، وإلا أخذت كما يجوز قتله، والله أعلم.

  (و) تسقط هذه الأنواع الأربعة التي تؤخذ من أهل الذمة (كلها بالإسلام) فإذا أسلم سقط عنه ما يؤخذ على رأسه - وهي الجزية - وما يؤخذ على ماله من مال الصلح ونحوه، إلا أن تكون قد أخذت منه قبل الإسلام لم يرد له ما قد أخذ منه منها. وإنما يسقط بالموت والفوت الأولُ فقط دون الأُخر، وبالإسلام الكل، وذلك لأن المأخوذ من المال إلى مقابل الأمان عليه فلا يسقط بالموت والفوت؛ لبقاء الموجب، بخلاف الجزية فإنها في مقابلة الأمان على النفس عند القبض، وقد فات وقته، فارتفع الموجِب؛ ووجه الجمع بينها مع الإسلام أنه بعد إسلامه لا يفتقر إلى أمان النفس ولا المال، فتأمل، والله أعلم.