تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يجب به الصوم في رمضان والإفطار، وكيفية الصوم، وشرائطه، وما يتبع ذلك من الأحكام

صفحة 359 - الجزء 2

  مَسْألَة: (ويستحب) للمكلف (صوم يوم الشك) وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا غم هلال رمضان لأجل الغيم أو نحوه من انخفاض المحل أو يكون المكلف في سجن أو نحوه⁣(⁣١)، فأما إذا كانت السماء لا غيم بها والتمس فلم يرى فإنه يتيقن أنه من شعبان ذلك اليوم فلا يستحب على هذا الوجه، وكذا لو أَخْبِرَ المسجونَ أو من كان في أوهاط الأرض مخبرٌ عدل أو عدلة أنه قد التمس الهلال ولا غيم ولم يره فإنه لا يكون يوم شك، بل يتيقن أنه من شعبان.

  وإنما لم يجب صوم يوم الشك مع أن في كل جانب حظر وإباحة يرجح جانب الحظر؛ رجوعاً إلى الأصل، وهو بقاء شعبان، وكذا في آخر رمضان يجب إمساكه وإن كان يوم شك بشرطه، وهو أن يكون ثمة غيم؛ رجوعاً إلى الأصل وإن جوز مع الشك أنه يوم عيد، فتأمل.

  وإنما يستحب صوم يوم الشك (بالشرط) في النية وجوباً؛ لأن القطع في موضع الشك لا يجوز؛ إذ يكون معتقداً بالقطع شرعية ما لم يشرع، واعتقادُ حكم شرعي لا دلالة عليه محظورٌ، فلزمه هذا الشرط في النية لذلك، فينوي بصومه عن رمضان إن كان وإلا فنافلة، والنية المشروطة هنا وغير هنا⁣(⁣٢) إذا كانت بمقطوع به تصح، وكذا النية المشروطة بمشئة الله تعالى؛ إذ هو يشاؤه، بخلاف المشروطة بقدوم زيد أو صحة جسمي لم تصح؛ إذ من شرط النية الجزم⁣(⁣٣). فإن نوى على القطع أنه من رمضان أثم وأجزأه إذا بان منه؛ فإن نوى صيامه إن كان من رمضان ولم يزد على ذلك ثم بان من شعبان كان نفلاً، وكذا في الصلاة والزكاة إذا نوى قضاءها⁣(⁣٤) إن كانت عليه وانكشف أنه لم تكن عليه كانت نفلاً أيضاً. وأجزأته النية والصومُ إذا انكشف من


(١) في (ج): «نحوها».

(٢) في (ج): «غير هنا».

(٣) ولا جزم.

(٤) في (أ) و (ب): «قضاءهما».