[النسك الثامن: المبيت بمنى]
  (و) ليلة (ثالثه) وهي ليلة ثاني عشر، ففي هاتين الليلتين يجب المبيت بها الليل كله أو أكثره سواء كان في عزمه السفر أم لا. وسميت منى لما يمنى فيها من الدماء - يعني: يراق - أو لأن آدم تمنَّى بها المغفرة أو الجنة حين قال له جبريل في ذلك الموضع: تمنَّ.
  (و) يجب عليه أيضاً أن يبيت بها (ليلة الرابع) من يوم النحر، وهي ليلة ثالث عشر من ذي الحجة، وإنما يلزمه أن يبيت بها إلا (إن دخل فيها) يعني: في الليلة، بأن غربت الشمس (غير عازم على السفر) في ليلته، بل عازم على الوقوف أو متردد، ولو عرض له السفر بعد الغروب وعزم عليه وقد غربت الشمس [وهو غير عازم فقد لزمه مبيت الليلة أو أكثرها، وأما لو غربت الشمس](١) وفي عزمه السفر تلك الليلة ولو آخرها فإنه لا يلزمه المبيت بها في هذه الليلة ولو تراخى عن السفر شطراً من الليل. والمراد بالسفر هنا كالرمي، وهو إرادة الذهاب إلى مكة ولو لم يكن بمسافة السفر، فيدخل في ذلك أهل مكة.
  فَرْعٌ: وأما نهار أيام منى فليس بنسك، فله أن يقف في اليوم الحادي عشر والثاني في أي موضع شاء، وقد ينزل إلى مكة لطواف الزيارة ويقف أكثر النهار أو كله هنالك.
  (و) يلزم (في نقصه) يعني: المبيت (أو تفريقه دم) سواء نقص أو فرق لعذر أم لغير عذر، من خوف أو مرض منعه من الوقوف هنالك أو اشتغال بمصلحة عامة أو نحوها فقد لزمه المبيت في هاتين الليلتين، فإذا تركه جبره بدم، كمن اضطر إلى تغطية رأسه أو نحوه من محظورات الإحرام، فيجب دم لتركها كلها أو لترك ليلتين متواليتين منها أو لترك ليلة أو نصفها؛ إذ يجب المبيت أكثر الليل، فبترك نصفها قد تركه، فيلزم دم، لا لترك أقل من نصفها فلا دم، ويجب ثلاثة دماء لترك الليالي الثلاث مع تخلل إخراج الدم بينها، ويجب دمان لترك الأولى والثالثة للتفريق والنقص، أو لترك ليلتين متواليتين مع إخراج الدم بينهما. وترخيص رسول الله ÷ للعباس لأجل السقاية بترك المبيت بمنى وللرعاء لا يدل على عدم لزوم الدم، كالترخيص
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).