تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(كتاب النكاح)

صفحة 5 - الجزء 3

(كتاب النكاح)

  النكاح لغة: بمعنى العقد، ومنه نكح من فلان ابنته، بمعنى: عقد عليها. وبمعنى الوطء، يقال: نكح زوجته، إذا وطئها. وما جاء منه بمعنى الضم فليس بوضع له، وإنما هو تشبيه، من قوله:

  إن القبور تنكح الأيامى ... وتترك الأبناء من آبائهم يتامى

  فشبه ضم القبور للأجساد في سترها لها بالنكاح؛ لما كان به ستر المرأة بالزوج. ومنه سمي كل اثنين ضم أحدهما الآخر تناكحا؛ لمشابهة ضمهما بضم الزوجين، ومنه:

  نكحت سنابكها الصفا فتولدت ... بين السنابك والصفا النار

  فهو من المجاز، لا من باب وضع اسم النكاح للضم.

  وفي الشرع: العقد على المرأة لملك الوطء لا الرقبة، فـ «على المرأة» مخرج ما سواها من الاستئجار وغيره⁣(⁣١). و «لا الرقبة» مخرج لعقد الشراء على الأمة فهو يملك به الأمرين. وإنما قلنا: «ملك» ولم نقل: «استباحة» لرفع إيهام أن للزوجة الامتناع فيه، يعرف به عدم جواز ذلك.

  والنكاح حقيقة في هذا العقد، وما جاء منه في الشرع مستعمل للوطء فمجاز، ويترتب على هذا حمل لفظ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فبالعقد تحرم امرأة الأب، ويقاس عليها سائر المحرمات من هذا القبيل، إلا ما ورد مقيدا بالدخول مع العقد في قوله تعالى: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}⁣[النساء ٢٣] ولو وطئ الرجل امرأة زناً لم تحرم على ابنه وأبيه؛ [إذ لم ينكحها]⁣(⁣٢)، ويتجه على هذه الحقيقة نهي المحرم عن النكاح فلا يعقد بها، ولا يعقد على الأمة من لا زوجة له مع استطاعة على الحرة؛


(١) لفظ شرح الأزهار: هو العقد الواقع على المرأة لملك الوطء دون ملك الرقبة. فقولنا: لملك الوطء احتراز من المستأجرة.

(٢) ساقط من (ج).