تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في ذكر المهر وما يتعلق به من الأحكام:

صفحة 108 - الجزء 3

  إذ الإبراء من المسمى كالقبض، فيلزم أن ترد له ما لم تستحقه عليه، وهو نصف ذلك الذي سمى لها وقد أبرأته منه، فلو سمى لها عشرين وأبرأته منها ثم طلقها ردت له عشرة؛ إذ بالإبراء كأنها قد استوفت العشرين، ولو سمى لها درهما فأبرأته منه ثم طلقها قبل الدخول لزمه لها أربعة دراهم ويسقط درهم بالإبراء، وهو يقال: أين امرأة أبرأت زوجها من المسمى وطلقت قبل الدخول واستحقت أربعة أضعاف المسمى؟ ومن هذا القبيل لو سمى لها عبدا أو نحوه ثم تلف ثم أبرأته منه ثم طلق قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمته يوم الدخول؛ إذ هو المسمى - أعني: قيمته - يوم الدخول وقد أبرأته مما لزمه بتلفه، وهي قيمته يوم التلف، فكأنها قد استوفت قيمة العبد منه (ونحو ذلك) يعني: نحو الإبراء من الاستهلاكات لما سمى، وذلك كأن يسمي لها عبدا ثم تعتقه أو تبيعه ثم يطلق قبل الدخول لزمها أن تسلم للزوج نصف قيمة العبد يوم العقد إن سمى في ذلك الوقت، وإلا فالعبرة بقيمته يوم التسمية. هذا إن أبرأت الزوج، لا لحسن العشرة منه بأن لا يطلقها، وأما إذا كان لأجل ذلك وطلق قبل الدخول فإنها ترجع عليه بما أبرأته، يعني: بالمهر كله، سواء طلق قبل الدخول أو بعده، فحيث يطلق قبل الدخول ترجع عليه بجميع ما أبرأته منه وهو يرجع عليها بنصف المسمى، فإن تساوى النصفان تساقطا وسلم لها نصف المسمى، وأما إذا كان عبدا وملكته لحسن العشرة وطلق قبل الدخول رجعت عليه بكل العبد؛ لأنها قد استهلكته عليه بالتمليك، وهو يرجع عليها بنصف قيمته يوم العقد أو يوم التسمية إن تأخرت، وكذا إذا وهبته له ثم طلق قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمته يوم العقد، ولا شيء لها عليه إن كانت الهبة للرحامة، فإن كانت لحسن العشرة ولم تحصل رجعت عليه بذلك المهر جميعه، وهو العبد، إذ قد استهلكته بالهبة، وإن كانت الهبة لغير ذلك فلها الرجوع فيها مالم يحصل ما يمنع الرجوع في الهبة، وكذا لو وهبته لغيره إذا كان عينا أو كان ضامنا به، لا إذا لم يكن هو الضامن به وهو دين فإنه لا تصح هبته له، وأما هبته من الزوج فمطلقا.