[قاعدة]
  كيف صح تصرفها في جميعه قبل الدخول وهي لم تملك بالعقد إلا بعضه بدليل لو طلقت قبل الدخول، [فهلا يبطل التصرف في النصف الآخر لو طلقت قبل الدخول](١)؛ إذ هي متصرفة بملك الغير فأشبه من باع ملك غيره؟ فهو يجاب: أنها قد ملكت جميع المهر بالعقد ملكا غير مستقر، فيكون تصرفها بعده كتصرف الأجير بعد العقد قبل إيفاء العمل. وإنما جعل تصرفها استهلاكاً لأن لها فيه ملكا معينا كالفاسد قبل القبض، وبهذا فارق التصرف في مال الغير.
  وأما لو كان العقد فاسدا أو كانت التسمية غير صحيحة فإنه لا يصح تصرفها قبل القبض له؛ لعدم ملكها له؛ إذ تملك غيره، وهو مهر المثل بأحدهما، ولا تملك ذلك المعين. وكذا لو كان المهر غير معين، بل دينا في ذمة الزوج، فما صح من التصرفات في الدين قبل قبضه صح في المهر الذي هو غير معين، وما لا فلا، وسيأتي بيانه في القرض إن شاء الله تعالى.
  مَسْألَة: (و) يصح من الزوجة (الإبراء) لزوجها (من) المهر (المسمى مطلقا) سواء كان قد دخل بها أم لا، وسواء كان قيميا أو مثليا، وهذا إذا كان دينا في ذمة الزوج، لا إن كان عينا فالإبراء هو لضمان العين، وذلك لا يقتضي التمليك، فلا يبرأ منه ويبرأ من ضمانه كما سيأتي في الإبراء، وأما إذا كان دينا برئ منه. وإنما صح منها الإبراء من جميع المهر قبل الدخول وهي لا تستحق إلا نصفه حتى يدخل بها لأنها تملكه بالعقد مشروطا بالدخول كما قلنا في صحة تصرفها في الكل ولو قبل الدخول.
  (و) أما (من غيره) يعني: غير المسمى فإنه لا يصح البراء منه إلا (بعد الدخول) بها، لا قبله؛ إذ لا تملك شيئاً مع عدم التسمية من المهر؛ ولذا إنها لو طلقت لم تستحق من المهر شيئاً. ويعتبر في صحة الإبراء من المهر أن يكون العقد صحيحا والتسمية صحيحة؛ لأنه إذا اختل أحدهما فهي غير مالكة له. (ثم إن طلق) الزوج زوجته (قبله) يعني: قبل الدخول وقد أبرأته من المهر (لزمها) له (مثل نصف المسمى)
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).