(باب الوضوء)
  ¦ عليه بقوله: (أو ورد الأثر) من جهة الشرع (بنقضها) وذلك (كتعمد(١)) أحد أمور خمسة:
  الأول: (الكذب) ولو مزاحاً، وحقيقته على المختار في الأصول: ما لم يطابق الواقع من الخبر، وسواء طابق اعتقاد المخْبِر أم لا، إلا أن المراد هنا ما يكون معصيةً، وهو لا يكون معصيةً إلّا إذا أخبر بخلاف معتقده، وسواء طابق الواقع أم لا، فمهما كان كذلك نقض على الصحيح، وما عداه لا ينقض وإن خالف الواقع، وسواء كان الكذب جداً أو هزلاً فإنه ينقض، وكذا بالكتابة والرسالة والإشارة ممن لم يمكنه النطق، وكذا ممن يمكنه النطق أيضاً؛ وحيث يجوز الكذب - كالكذب على الزوجة لحسن العشرة، والإمام العادل لمصلحة، وكذا ما كان صلاحاً للدين، والصلح بين الناس - ينقض الوضوء وإن لم يأثم فيه، وإنما يجوز في هذه الأمور التعريض فقط.
  (و) الثاني: تعمد (النميمة) وهي: كشف ما يكره المسلم كشفَهُ، وسواء كان بالقول أو بالرمز أو بالإيماء، فإذا أظهر المتوضئ كلامًا أمره مَنْ أودعه إياه بكتمه لفظاً أو بقرينة، وسواء كان ذلك متعلقًا بالغير أم لا [انتقض وضوؤه]، ومن الأول أن يسمع كلاماً يكرهه الغير فيرفعه إلى ذلك؛ لإدخال الشحناء بينهما، وسواء قصد إدخالها بينهما أم لا، وسواء حصلت أم لا إذا عرف حصولها، أو لم يحصل أيضاً إلا أن ذلك الغير يضيق صدره بها، وسواء كانت بين مؤمنين أو فاسقين، إلّا أنه قد يكون الإبلاغ واجباً أو مندوباً بحسب(٢) ما يقتضيه الشرع، كإنقاذ المبلغ إليه من القتل أو أخذ ماله أو نحو ذلك، ولعله إذا كان الإبلاغ مندوباً فلا يكون ذلك نميمةً [شرعية](٣)؛ لأنه قد ورد الذم للنَّمام، والقائمُ بالواجب أو بالمندوب لا يذم وإن كان ذلك يسمى نميمةً لغوية.
  والنميمة ومثلها الغيبة تنقض الوضوء ولو بالكتابة، وبالإشارة والرسالة أيضاً كذلك.
(١) خرج الغلط والسهو. (é). (شرح).
(٢) في (ب): «وبحسب».
(٣) ما بين المعقوفين من شرح الأزهار.