(فصل): في بيان ما يذكر من المال للزوجة أو غيرها حال العقد أو قبله أو بعده وبيان شروط كيفية ذكر المهر من الأراضي أو غيرها، ووجوه تتعلق بأحكام المهر
  الزوجة فبعد التلف لا رجوع، وقبله يرجع به الزوج. وبعد العقد يكون زيادة في المهر إن ذكر لها، أو هبة أو هدية على حسب الحال، أو رشوة إن لم يسلموها له إلا به. وهذا فيما ذكر للزوجة أو سلم من دون ذكر من كان له كما هي العادة في الدفع لا يذكر لمن هو، وأما ما يشترط من العوض للولي أو غيره ففي العقد يكون من جملة المهر ولو سلم للضيافة عرفاً فهو من المهر، وما ذكر بعد العقد على حسب الحال كما تقدم، وتستحقه الزوجة إن ذكر لها، وإلا فإباحة كما مر، وما ذكر قبله يكون إباحة أو هبةً على عوض مضمر، وهو الزواجة، فإن امتنعت أو امتنع هو منها فلا شيء له فيه إلا في الإباحة مع بقائه، وإن امتنعوا هم أو طلبوا منه فوق مهر المثل رجع به أو قيمته إن تلف، وإن امتنع الولي من تزويج قريبته البالغة الراضية إلا بعوض فهو رشوة، وكذا الصغيرة؛ إذ هو عمل ليس لمثله أجرة، ويكون عضلاً في حق الكبيرة، لا الصغيرة؛ لعدم معرفة رضاها قبل البلوغ وعدم العمل به قبل ذلك، وكذا في الأمة لو امتنع سيدها من تزويجها إلا بمال فليس بعضل، ويطيب له؛ إذ هي مال يأخذ عليها ما شاء، وكذا الوكيل في حق الحرة البالغة فلعله لا يحرم عليه ما أخذه في مقابل العقد؛ لعدم الوجوب عليه، وإنما يحرم إذا كانت الأجرة مقابلة لواجب أو محظور، وكذا لو طلب الولي لغير المرأة ما تحصل الغضاضة بتركه إن لم يؤخذ كما مر فإنه يكون عضلاً، وليس هذا بتكرير، فالأول ما دفع من غير ذكر ولا شرط، وهذا فيما إذا شرط أو امتنع من التزويج إلا بشرطه، فيتأمل لهذا الحاصل، والله أعلم.
  ومثل هذا منقول من البيان، فجعل معنى هذا الحاصل طرفين، كل طرف في مسألة له، فالطرف الأول ما ذكر للزوجة، والثاني ما شرط من العوض للولي أو نحوه، وحصل من مجموع هذا الحاصل أن ما سلمه الزوج قبل العقد على أوجه ثلاثة:
  الأول: أن يكون باقياً، فهذا يرجع به مطلقاً: سواء كان مما يسلم للبقاء أو للتلف.
  الثاني: أن يكون الامتناع من الزواجة من جهة أهل الزوجة، فهذا أيضاً يرجع به مطلقاً: سواء كان للبقاء أو للتلف، وسواء كان باقياً أو تالفاً، فيرجع بقيمته أو مثله.
  الثالث: أن يكون الامتناع من جهة الزوج، لم يرجع بما قد تلف في الوقت المعتاد