تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في الجمع بين الأختين ونحوهما في الملك والوطء، وحكم تدليس الأمة على الحرة:

صفحة 249 - الجزء 3

  الأول⁣(⁣١). ويظهر لك فرق بين ما لو كانت أختها التي معه مملوكة أو مزوجة، فحيث تكون مملوكة لا يحرم العقد على الأخرى إلا إذا قد وطئ الأولى، وإن كانت مزوجة لم يصح العقد على الأخرى مطلقاً سواء كان قد وطئها أم لا؛ إذ مقتضى عقد النكاح الوطء ولو لم يكن قد وطئ، بخلاف الملك فإنه يراد به غير الوطء، فلم تحرم إلا بعده. فلو لم يكن قد وطئ مملوكته - لعله ولا قبَّلها أو نحوها لشهوة - فإنه يجوز له أن ينكح أختها، ولا يصير مخيراً بعد أن نكح⁣(⁣٢) الأخرى في وطء أيهما شاء، بل يتعين وطء الزوجة إن أراد؛ لأن النكاح معين لوطء الأخرى، فلو وطئ المملوكة بعد العقد وجب اعتزالهما حتى يخرج أحدهما كما يأتي قريباً، والله أعلم.

  (و) حيث قد وطئ أمته أو تزوج بأمة كان (له تملكها) يعني: أختها، ولا يمنع من شرائها أو اتهابها أو نحوهما.

  ووجه الفرق بين النكاح والملك أن المقصود بالنكاح للوطء، فإذا تزوج أخت أمته الموطوءة بالملك فكأنه قد جمع بينهما في الوطء، وأما التملك⁣(⁣٣) فليس كذلك؛ لتجويز قصد الخدمة.

  لكنه لا يجوز له وطء هذه الأمة المشتراة بعد وطء الأخرى، وكذا النظر ونحوه من مقدمات الوطء لشهوة؛ لتقدم الوطء لأختها، فقد حرم عليه مدانات الأخرى. ويحل له النظر إلى العورة المغلظة من أمته هذه المشتراة آخراً بعد وطء الأولى لغير شهوة؛ إذ لا يمنع منه إلا الوطء أو النظر أو نحوه لشهوة. وكذا لو كان لشخص أمتان مملوكتان فلا يمنع من وطء إحداهما وهو مخير قبل أن يطأ أيهما شاء، وبعد أن يطأ إحداهما يحرم عليه وطء الأخرى أو النظر ونحوه لشهوة حتى تخرج الموطوءة أولاً عن ملكه كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى. وهذه الأحكام قد شملها قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}⁣[النساء ٢٣] وليس المراد هنا الأخت


(١) في المخطوطات: لبطلان العقد على الأولى. والمثبت مستفاد من هامش شرح الأزهار.

(٢) في المخطوطات: أنكح.

(٣) في المخططات: التمليك. والمثبت من هامش شرح الأزهار.