تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): [في الطلاق المعلق بوقت]

صفحة 390 - الجزء 3

  «أنت طالق إن لم أفعل كذا غداً» فإنها لا تطلق إلا بمضي آخره؛ لأنه أوقعه مشروطاً، فلا يقع حتى يحصل الشرط، وهو عدم الفعل، وهو لا يتبين عدم الفعل إلا بمضي الغد، وأما هنا فهو جعله غير مشروط، بل مؤقتاً بوقت، فهو معلق بأوله، فتأمل، والله أعلم.

  وأما إذا قال: في وقت، أو في حين، أو في عصر، أو في حقب، أو في دهر - فإنها تطلق في الحال؛ إذ جعله ظرفاً له وهو لعذر⁣(⁣١) على الحال ذلك فيكون ظرفاً للطلاق، فتأمل.

  مَسْألَة: (و) إذا علق الطلاق بوقت معين فإنه (يقع بأول) ذلك (المعين) كأن يقول: أنت طالق غداً، أو إذا جاء غد، أو في غدٍ أو نحوه - فإنها تطلق بأول ذلك المعين، إلا أن ينوي وقتاً منه من نصفه أو آخره فله نيته في الكل حيث أتى بـ «في» أو إذا أو قال: غد ونحوه من دونهما، ويدين ظاهراً وباطناً، وسواء صادقته الزوجة على ما نوى أم لا؛ إذ يحتمله لصحة إطلاق اللفظ على جملة أوقات اليوم من أوله وأوسطه وآخره إلى غد، فتأمل.

  وفرق بين هذا وبين قوله «إن لم أفعل كذا غداً» أيضاً: أنه مشروط⁣(⁣٢) في الآخر، فلا تطلق حتى يحصل الشرط بعدم الفعل في كل اليوم كما مر قريباً، بخلاف هذا فهو معلق به، فتأمل.

  فَرْعٌ: وأما لو قال: «أنت طالق اليوم إذا جاء غد» فإنه لا يقع شيء مطلقاً، يعني: لا في يومه؛ لأنه مشروط بمجيء الغد، ولا يصح تقدم المشروط - وهو الطلاق في اليوم - على شرطه، وهو مجيء الغد، ولا يقع في الغد؛ لأنه لم يعلق الطلاق فيه. وهذا مبني على قولنا بعدم صحة التحبيس كما ستعرفه قريباً إن شاء الله تعالى.

  مَسْألَة: وأما تعليق الطلاق بمكان نحو: أنت طالق في المسجد أو في السوق ونحوهما فإنه لا يصح، بل يقع الطلاق في الحال ولو كانت في غير المسجد؛ لما مر من


(١) في (ج): «يطلق».

(٢) في (ج): «شرط».