تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الخلع)

صفحة 467 - الجزء 3

  مَسْألَة: وإذا قال لغيره: «متى سلمت لي امرأتي مهرها أو كذا طلقها» فهذه وكالة مشروطة بالتسليم، فإذا حصل ثم طلقها الوكيل صح وكان رجعياً؛ لأن الزوج لم يملك العوض بمجرد التسليم، ويكون التسليم إباحة إن سلمته ليستهلكه. فإن كان مراده تسليماً يوجب الملك لم تصح الوكالة ولا الطلاق؛ لعدم صحة الوكالة؛ لأن التسليم [لم]⁣(⁣١) يوجب الملك، وهي مشروطة به، ولم يحصل، فلا وكالة ولا طلاق، إلا أن يقع التسليم على وجه يوجب الملك، نحو: أن تملكه إياه ويقبل، فإنه يكون الطلاق رجعياً، لا بائناً، وإن وهبته هبة فلها الرجوع فيها قبل الطلاق، لا بعده؛ لحصول العوض في مقابلها، وقد صح الطلاق رجعياً، والله أعلم.

  وإذا طلق الزوج على عوض (فيجبر ملتزم) ذلك (العوض) من الزوجة أو غيرها، فإن تلف قبل قبضه سلم بدله؛ لأنه مضمون. والالتزام للعوض يقع بالقبول، فإذا قال لها: «طلقتك على ألف» فقبلت فقد وقع الخلع، فتجبر على تسليم ذلك الألف، وكذا لو كان القابل غيرها أجبر على تسليمه من ماله بذلك القبول منه؛ إذ هو التزام منه بعوض الطلاق، وهو ما سماه الزوج في إيجابه. وهذا (في العقد) للزومه به، لا في الشرط فهو إنما يقع الطلاق بحصول العوض، فإذا حصل [القبول] ولم يحصل العوض فلا طلاق فلا يجبر من عيَّن الزوج عليه ذلك العوض على تسليمه لو قال: «إن سلم إليَّ أبوك مائة فأنت طالق» فلا يجبر الأب على المائة ولو قد قبل في المجلس، ولا يقع الطلاق إلا بتسليمه للمائة، فتأمل.

  (و) إذا جاء من عليه العوض به فإنه يجبر (الزوج على القبض فيهما) يعني: في العقد والشرط؛ وذلك لتبرأ ذمة من هو عليه منه، لا ليقع الطلاق، فقد وقع في العقد بالقبول، وفي الشرط بالتخلية بين الزوج وذلك العوض المشروط الطلاق به إن كان عيناً، لا ديناً فلا بد من القبض، وإلا لم يقع الطلاق؛ إذ هو مشروط به. وإنما لم تكف التخلية لبراءة الذمة حيث يكون غير معين كما كفت في المعين وفي


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).