(باب العدة)
  تقول المرأة: طلقني الآن فأنكرها الزوج فالقول له؛ لأن الأصل عدم الطلاق، ومرجع هذا إلى ما مر من إنكار وقوعه في وقت مضى، إلا أن الإمام بناه على الحال ليخرج منه مفهوم قوله: «إن كان الزوج» هو المنكر، لا إن كان هو المدعي لذلك بأن قال: «طلقتك الآن» فإن القول له ولا حكم لإنكارها؛ لأن دعواه ذلك في الحال يكون طلاقاً ظاهراً وباطناً؛ لأنه صريح في الطلاق، فتأمل.
  (و) كذا إذا اختلف في كون الطلاق مشروطاً فالقول (لمنكر تقييده) بالشرط، والبينة على مدعي ذلك، كأن يقول الزوج: طلقتك بشرط مجيء زيد، أو بشرط دخول الدار، وتقول المرأة: بل غير مشروط بذلك، فالقول لها. وكذا لو قال: على أن تدخل الدار، والدعوى منه [أنه قيد الطلاق](١) بذلك وأنها لم تقبل ذلك الطلاق المعقود على دخول الدار ولا امتثلته، وقالت: بل وقع من غير تقييد - فالقول لها، والبينة على الزوج في تقييد الطلاق بذلك؛ لأن الأصل عدم تقييده بعد التصادق على أنه قد طلق. فلو ادعى أنه طلقها على عبد وأنكرت كونه على ذلك بل مطلق ثبت الطلاق، فإن بين بالعبد أو نكلت استحقه عليها وكان الطلاق خلعاً، وإن حلفت ولم يبين كان الطلاق بائناً في حقه رجعياً في حقها؛ وذلك لإقراره بالخلع؛ فلا يرثها إذا ماتت في العدة، وترثه إن مات فيها؛ لأن إقراره بالبينونة مقبول في حقه فقط، وكذا تستحق عليه السكنى؛ لعدم قبوله عليها في ذلك، وإذا راجعها منع منها ومنعت من زواجة غيره إلا بعد بينونة أخرى غير هذه المختلف فيها. فلو كان العبد الذي ادعى أنه خالعها عليه معيناً وأعتقه ثم قتله لزمه قيمته لها وديته لورثته، فالقيمة عملاً بالظاهر أنه قد استهلكه عليها، والدية للورثة بعد عتقه عملاً بإقراره، ولا قصاص عليه في قتله؛ لأن الظاهر أنه عبد، فتأمل، والله أعلم.
  (و) إذا اتفقا أن الطلاق مشروط بأمر ثم اختلفا في حصول الشرط فعلى المرأة البينة على (حصول شرطه) إذا كانت هي المدعية لذلك، وكذا الزوج عليه البينة في
(١) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار (٤/ ٦٦٦).