تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب اللعان)

صفحة 617 - الجزء 3

  وأصله من الكتاب قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية [النور ٦].

  ومن السنة فعل النبي ÷، فإنه لاعن بين هلال⁣(⁣١) بن أمية وزوجته خولة، عن ابن عباس أن هلال ابن أمية جاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلاً فرأى بعينه وسمع بأذنه ولم يهُجْه حتى أصبح، ثم غدا على رسول الله ÷ فقال: يا رسول الله، إني جئت عشاء أهلي فوجدت عندهم رجلاً - روي أنه شريك بن سحماء - فرأيت بعيني وسمعت بأذني، وكره رسول الله ÷ ما جاء به واشتد عليه، فنزلت الآية: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} إلى آخرها، فسر رسول الله ÷ فقال: «أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجاً ومخرجاً» قال: قد كنت أرجو ذلك من ربي، فقال رسول الله ÷: «أرسلوا إليها» فتلاها عليهما وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله لقد صدقت عليها. فقالت: كذب. فقال ÷: «لاعنوا بينهما» فقال لهلال: «أتشهد؟» فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كانت الخامسة قال: «يا هلال، اتق الله؛ فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب» فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها، فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم قيل لها: أتشهدي؟ فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما كانت الخامسة قال لها: «اتقي الله؛ فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب». فتلكأت ساعة فقالت: والله لا فضحت أهلي وقومي، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ففرق بينهما ÷ وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، وأن لا ترمى، ولا يُرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها ولا نفقة ولا قوت، وقال ÷: «إن جاءت به أصيهب أريصح أجيعد أثيبج ناتئ الأليتين حمش الساقين فهو لهلال، وإن جاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين


(١) «أحد الثلاثة الذين خلفوا». حاشية في (ج).