تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب النفقات)

صفحة 674 - الجزء 3

  بالمطل أو التغلب ولو حاضراً فإنه يطلب منه الحاكم التعجيل كذلك. ويصح التكفيل بنفقة المستقبل؛ إذ الزوجية سبب في لزوم الحقوق في المستقبل، فصح التكفيل بما وجد سببه. وإذا قد حصل الكفيل فلا يطلب معه التعجيل. وأما إذا غاب وله مال يمكن أن تستنفق منه أو يأمر الحاكم ببيعه فليس لها طلب التعجيل. وكذا أيضاً تطلب التعجيل لمن يريد الغيبة ممن عرف تمرده وعدم إمكان ضبطه في المستقبل فيجبر على التعجيل بقدر الحاجة وقدر ما يصير به متغلباً من الزمان بحسب ما يراه الحاكم، فتأمل.

  مَسْألَة: (وهو) يعني: تعجيل النفقة للزوجة للمستقبل (تمليك) لها مع القبض، أو التخلية مع الرضا أو أمر الحاكم فتملكه بذلك، وإذا ملكته جاز لها أن تتصرف فيه أي تصرف من بيع أو هبة بعد القبض فيهما⁣(⁣١)، أو بغيرهما من أي تصرف المالك⁣(⁣٢) في ملكه، وليس له أن يسترد ذلك منها، وإذا أخرجتها عن ملكها ببيع أو نحوه فإنها تنفق على نفسها مثل الذي سلم أو أفضل، لا دون ذلك؛ لأن له حقاً في بدنها، فإن استنفقت دون رجع عليها بما بين قيمة ما سلم وقيمة ما استنفقت، ولا يقال: ترد الجميع؛ لأن لها ولاية في الإنفاق على نفسها، وقد أمرها بالإنفاق على نفسها لَمَّا عجل إليها النفقة. وما فضل مما قد سلمه لها فإنه لا يلزمها رده؛ لأنها قد ملكته في مقابلة نفقتها في المدة المقدرة حيث أنفقت على نفسها مثل الذي أراد أن تستنفقه. هذا إن فضل لكثرة ما دفع عن الواجب فقط كأن يدفع نفقة شهر فتأكل منها كما سلم لها من دون تقتير ولا تقليل ثم يفضل ولو ما يكفي شهراً آخر فإنه لا يرد ما فاض على هذه الصفة، ويلزم الزوج نفقة الشهر الثاني، وهذه فائدة قولنا: «إن التعجيل تمليك لها»، وأما إذا فضل للتقتير منها في الإنفاق على نفسها فقد مر أنها ترد ما بين القيمتين وكذا العين، وهو يخرج من عموم قوله |: «تمليك» صور احترز عنها بقوله ¦:


(١) في (ج): «منهما».

(٢) الأولى: للمالك.