تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في قبض المبيع وأحكام القبض:

صفحة 136 - الجزء 4

  أو وزن قبل اللفظ والمشتري مشاهد له ولم يفارقه، ولا [يكتفى]⁣(⁣١) بكيله بعد البيع في غيبة المشتري؛ لأنه من باب الربا⁣(⁣٢)، فإن فعل بأن باعه بغير إعادة كان بيعه فاسداً؛ لنهيه ÷ عن بيع المكيل والموزون قبل إعادة الكيل: «لا حتى يختلف الصاعان».

  ومن ذلك: «بعتَ مني هذا المد» فلا يصح أن يبيعه إلا بعد إعادة كيله أو وزنه وإن أشبه الجزاف من حيث عدم وجوب رد الزائد لو زاد ولا يوفى إن نقص.

  هذا، وأما إذا ملكه بغير الشراء، أو بالشراء واشتراه جزافاً من غير ذكر كيل ولا وزن - ومن ذلك - يعني: من الجزاف - أن يكيل الطعام أولاً ثم يقول: «بعت منك هذا بكذا» فهو من الجزاف وإن كان قد كاله من قبل - فإنه يصح تصرفه فيه بالبيع ولو قبل إعادة كيله أو وزنه.

  وقوله: «وقع قبل اللفظ» لا إن كيل أو وزن بعد البيع فإنه لا يجب عليه لو أراد بيعه من بعد؛ لوقوع التقدير بعد اللفظ، وكذا لو كان المبيع مداً من صبرة ثم كاله البائع للمشتري فقد كفاه كيله فلا يعاد لإرادة البيع، وكذا لو وقع التقدير قبل ولم يرد المشتري بيعه، بل النذر به أو هبته⁣(⁣٣) أو نحو ذلك من سائر التصرفات فلا يجب إعادة تقديره لذلك كما يجب لو أراد بيعه. فعرفت أنه إذا لم يُشترَ بل ملك بغير ذلك، أو اشتري جزافاً، أو اشتري بتقدير بعد اللفظ، أو لم يرد بيعه بل تصرفاً آخر - فإنه لا يجب إعادة ذلك التقدير، ومهما جمع الشروط لم يجز بيعه إلا بعد إعادة الكيل أو الوزن، وكذا المرابحة والتولية وجعله رأس مال سلم، فلا يجوز ذلك كله إلا بعد التقدير؛ إذ هو بيع في جميع هذه الصور، ولا يصح من المسْلَم إليه أن يبيع رأس مال السلم أو يسلمه إلى غيره بعد قبضه له [حتى يعيد]⁣(⁣٤) كيله أو وزنه، ويصح أن يسلم [فيما] قد صار مسلماً فيه فيدفعه المستسلم قبل إعادة كيله، وأما الإقالة فيه للبائع فتصح قبل إعادة ذلك؛ إذ هي فسخ، فافهم.


(١) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار (٥/ ١٦٦).

(٢) ينظر.

(٣) على غير عوض.

(٤) في (ج) و (د): «إلا بعد».