(فصل) في نواقض التيمم
  [أي:] «فَعَلَ الأقل من الخروج أو التيمم». وأما لو تيمم لصلاة الكسوف فانجلى قبل تمام الصلاة فإنه لا يبطل التيمم بالانجلاء، بل يتم الصلاة؛ إذ التيمم فعل لها وإن كان الكسوف هو السبب.
  (و) الثاني مما يبطل به التيمم: (بالاشتغال) من المتيمم (بغيره) يعني: بغير ما تيمم له، فإذا تيمم لأمرٍ مما هو ممنوع من فعله ثم اشتغل بغيره قدراً يُعدّ به متراخياً بطل تيممه بذلك؛ للزوم التلوّم إلى آخر الوقت، فباشتغاله بغير ما فعل له ينكشف أن تيممه وقع قبل الوقت الذي يصح فيه التيمم، ويشكل على هذا لو تيمم للقراءة ونحوها مما ليس لها وقت، فلعله يقال: قياساً على ما لو تراخى في المؤقت فتأمل. وقد جعل حاصل هذه - مسألة «الاشتغال بغير ما تيمم له» - ليس مجرد الاشتغال، وإنما ذلك لأمر يرجع إلى الوقت، وهو أن لا يتراخى وقت(١) التيمم عن وقت ما يُفعل له تراخياً ظاهراً؛ فعلى هذا لو لم يشتغل بشيء وقطع وقتاً(٢) ممتداً بطل تيممه، فتأمل.
  وضابط ما يبطل به التيمم من الاشتغال بغير ما فعل له: هو أن يشتغل بفعلٍ لا تعلق له بما فُعل له، وهو مانع من فعله أو فعل ما يتعلق به، ويستغرق وقتاً ظاهراً يعتد به، فهو ينكشف بذلك بطلان متحراه في الوقت، وغيرُه مقيس عليه.
  قولنا: «مما لا تعلق له به» يحترز مما له تعلق بما فعل له التيمم، كالسير إلى المسجد فيما تيمم [به](٣) للصلاة وإن كثر السير إذا كان المعتاد، لا إن زاد على المعتاد.
  وقولنا: «وهو مانع من فعل ما تيمم له» احتراز مما لا يمنع، نحو أن يتيمم لقراءة أو لبث في مسجد فيخيط حال ذلك أو نحو ذلك مما لا يمنع، فلا ينقض.
  وقولنا: «أو فعل ما يتعلق به» يحترز مما لو اشتغل حال السير إلى المسجد بقيادة فرس أو نحو ذلك مما لا يمنع من السير المتعلقِ بالصلاة، فلا ينقض(٤) التيمم.
  وقولنا: «ويستغرق وقتاً ظاهراً» يحترز من الفعل اليسير فإنه لا ينتقض،
(١) في المخطوطات: عقيب، والمثبت من شرح البحر وهامش شرح الأزهار.
(٢) زائدًا على مقدار ركعتين. (شرح)
(٣) ساقط من (ج).
(٤) في (ج): «ينتقض».