تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الربويات)

صفحة 203 - الجزء 4

  بل هو عرف لهم ظاهر أن البائع متى رد على المشتري مثل ما أعطاه استرجع المبيع سواء رضي المشتري أم كره، ولا يراعون في ذلك فسخاً ولا إقالة - فهذا باطل؛ لأنه ربا؛ إذ هو قرض للثمن للبائع بمنفعة المبيع للمشتري، فلا يطيب للمشتري شيء من ثماره ولا من منافعه قط ولو أباحها له البائع أو وهبها له أو نذر عليه بها؛ لأن ذلك حيلة في الربا فلا حكم له، وتلزمه أجرته⁣(⁣١) إذا استعمله، ولو ضمن له البائع ما أتبع في ذلك فلا حكم لضمانه، وإذا تلف المبيع تحت يد المشتري ضمنه كما في البيع الباطل.

  الثاني: أن لا يقع شرط ولا يكون ثمة عرف برد المبيع من غير فسخ ولا إقالة، وإنما يرده بالفسخ أو الإقالة إن شاء، وإن امتنع لم يجبر عليه، وهو على قسمين:

  الأول: أن يقصد [المشتري] بذلك التوصل إلى الغلة فقط ويضمر ذلك إضماراً فقط، فالإضمار في عقود الربا كالمظهر، فلا يصح هذا البيع أيضاً ولا أي حيلة في ذلك، ولعله ولو باعه بقيمته التي يرضيان بالتفرق عليها، أو بدون قيمته، وهو أظهر، فلا يصح البيع، ولا يملكه المشتري، ولا تطيب له ثماره ولا منافعه كما مر وإن كملت شروط صحة البيع في الظاهر في هذا القسم.

  الثاني: أن يكون قصد المشتري إنما هو التملك للمبيع، لا التوصل بعقد البيع إلى طلب الغلة فقط، فهذا البيع صحيح بكل حال، وسواء كان الثمن قليلاً أم كثيراً؛ لأن هذا ليس من عقود الربا؛ لعدم قصد الغلة ظاهراً ولا باطناً.

  وينظر لو انضاف إلى هذا القسم خيار الشرط للبائع إلى وقت معلوم أو كان عرفهم أو نطقوا بذلك أنه إن فسخ البائع للمبيع⁣(⁣٢) ورد الثمن للمشتري في مدة الخيار طابت للمشتري غلة تلك الأرض أو منافع المبيع في الدار أو نحوها، وإن لم يفسخ في تلك المدة طاب المبيع بمنافعه وغلوله للمشتري [مع توفير جميع الثمن الذي تراضيا التفرق عليه وقت العقد أو بعد انقضاء مدة الخيار، فيرجع البائع على


(١) أي: أجرة المبيع. محقق.

(٢) صوابه: المبيع.