(باب الخيارات)
  وإنما يبطل الخيار بالاستعمال إذا استعمله المشتري (لنفسه) يعني: لفائدة نفسه، وسواء كان المقصد له وحده كالسفر بالحيوان ولبس الثوب، أو له وللمبيع معاً، كالرياضة غير المعتادة لمعرفة الحيوان قاصداً بذلك الرياضة لنفسه ومعرفة الحيوان، وأما إذا قصد بذلك لمصلحة المبيع فقط كالركوب للحيوان ليسقيه أو ليعلفه، أو ليحمل عليه علفه - فإن ذلك لا يبطل به خياره؛ إذا كان البائع غائباً ولا حاكم(١). وإذا تلف في حال الركوب فمن مال المشتري، سواء تلف بنفس الركوب أم لا.
  ويعتبر أيضاً أن يفعل ذلك الاستعمال (غير تعرف) لحال المبيع، وأما إذا ركبه مثلاً ليعرف جريه، أو حمَّله ليعرف قدر قدرته في الحمل وجريه بذلك، أو يجربه(٢) كالحرث بالثور ونحوه والمسنى(٣) بالأتان المشترى لذلك ليعرف طيبه - فإنه لا يبطل خياره بذلك الفعل، وكذا حلب البقرة وإتلاف اللبن؛ لجري العادة بذلك، كما لو استعمله لنفسه بإذن البائع حيث الخيار لهما أو للبائع، وهو ظاهر، وكذا حيث الخيار للمشتري وحده وقد أذن له بالاستعمال في مدة الخيار فإنه إذا استعمله بالإذن لم يبطل خياره بذلك.
  وقد مثل الإمام ¦ لما يبطل به الخيار من الأفعال الظاهر فيها عدم التعرف للمبيع بقوله: (كالتقبيل) للأمة المشتراة فإنه يبطل به الخيار إذا كان لشهوة، لا لرحمة أو لحسن العشرة فإنه لا يبطل به خياره، أو كانت زوجة له والخيار لهما أو للبائع فلا يبطل خياره ولو لشهوة قبلها؛ إذ هو بالأصل قبل البيع، وهو النكاح، وأما إذا كان الخيار له وحده فقد انفسخ النكاح، فيبطل خياره بتقبيلها. ولعل القول له أنه لا لشهوة؛ لأنه لا يعرف إلا من جهته، مع يمينه في ذلك. ولعله سواء كان التقبيل لشهوة من المشتري أو من المجعول له الخيار فإنه يبطل خياره بذلك وإن كان غير
(١) وفي هامش شرح الأزهار (٥/ ٢٩٣): والبائع في خيار العيب لا في خيار الشرط. (é). ولفظ التاج (٢/ ٤٠٧): ولو كان في حضور البائع.
(٢) في (أ، ج): يحرثه.
(٣) في (ب): أو المسنى.