(باب المضاربة)
  مال المضاربة، وإن كان السفر مقصوداً لمال المضاربة وعرض الحج بعد الوصول إلى مكة مثلًا ثانياً، وإن لا يكن المقصود بالسفر هو الحج بل مال المضاربة فقط كانت المؤن جميعاً(١) من ربح مال المضاربة، وعند الاشتغال بأعمال الحج تحصص المؤن، وإن كان المقصود بالسفر الحج ومال المضاربة مع كونه مشتغلاً في الطريق بحفظ مال المضاربة أو بالتصرف فيه حُصِّصت المؤن على كل بقدره، ومثال التحصيص: أن ينظر كم أجرة الحاج من ذلك الموضع وكم أجرة تاجر من ذلك الموضع، ثم ينسب بينهما ويؤخذ لكل مال قدره، فإذا كان مثلاً أجرة الحاج أربعين قرشاً، وأجرة من يتجر بمثل ذلك المال من مثل ذلك المحل ثمانين، فنسبة أجرة الحج من الأجرتين الثلث، فإذا كانت المؤنة المحتاجة في السفر ثلاثين مثلاً كان نصيب أجرة الحج ثلثها ومال التجارة ثلثيها، وعلى هذا يكون القياس في الاشتغال بغير مال المضاربة من أول السفر أو من أثنائه، فيحصص من يوم المشاركة في الاشتغال بالغير.
  أما لو كان الاشتغال بوديعة مع مال المضاربة في السفر فالعرف أنه لا يؤخذ منها شيء للمؤن إلا حصتها من الكراء أو الجباء فقط، لا المؤن فلا يؤخذ منها حصتها من المؤن.
  (و) الشرط الرابع: أن يكون الربح كثيراً بحيث لو استنفق منه (لم يُجوِّز) العامل (استغراق الربح) بالإنفاق، فإن ظن كثرته بحيث يبقى بعد الاستنفاق بقية ولو يسيرة جاز له الاستنفاق، وإن ظن قلته بحيث لا يبقى لو استنفق منه شيء لم يكن له الاستغراق، وله أن يستنفق الذي لا يجوّز معه الاستغراق.
  فإن ظن أنه يستغرق لو استنفق وانكشف الكثرة بحيث لو استنفق لم يستغرق فإن نوى الرجوع بما أنفقه على نفسه من مال نفسه على مال المضاربة إذا انكشف أن ربحها لا يستغرق لو استنفق منه كان له الرجوع مع نيته، وإن لم ينو الرجوع لم يكن له
(١) في (ج): «جميعها».