(فصل): في بيان مؤن المضاربة وما يحتاج إليه العامل:
  الشرط الأول، وهو أن تكون تلك الأمور معتادة.
  الشرط الثاني: أن تكون تلك المؤنة (في السفر فقط) لا في حال الإقامة في بلده - يعني: العامل - ولو كان في حال الإقامة مشتغلاً بها - يعني: بمال المضاربة - فليس له مؤنة في حال الإقامة، بل في حال السفر، ونعني بالسفر هو الذي يوجب القصر، وهو الخروج مع الميل مع قصد البريد، فإذا خرج من ميل بلده قاصداً للبريد مسافراً للمضاربة كانت مؤنته من الربح، ومتى عاد إلى وطنه رد ما فضل من الكفاية والكسوة وغيرها، وإن أقام في السفر مدة طويلة كان الاستنفاق وغيره من المؤن [من الربح] مهما كان مشتغلاً بمال المضاربة.
  نعم، فإن تفاسخا في حال السفر لم يكن له مؤنة بعد التفاسخ، إلا أن يكون مال المضاربة ديناً عند الغير فله المؤنة في مدة المطالبة بالدين ولو بعد التفاسخ.
  فائدة: فيما يعتاد كثير من الناس من دفع المال مضاربة إلى الغير والربح في كل شهر قدر معلوم، فهذا محرم باطل(١)؛ لتضمنه الربا، فلا يحل للمضارب أخذ مال المضاربة للتجارة، ويحرم على مالك مال المضاربة ما دفع له من الربح ولا يملكه ولو وهب له هبة.
  الشرط الثالث: أن يكون للعامل المؤن من الربح (مهما اشتغل بها) يعني: مهما كان في سفره للتجارة بمال المضاربة حفظاً وتصرفاً أو أحدهما، لا إن لم يكن مشتغلاً في السفر بها بل بغيرها لم تكن له مؤنة من الربح، بل من ماله الذي سافر لأجله ومن مال غيره إذا كان أجيراً في السفر للغير، فإن كان السفر لمال المضاربة ولغيرها من مضاربة أخرى للغير أو لحج أو نحوه حُصِّصَت المؤنة على كل مال بقدره، مثاله: لو سافر للحج ومعه مال مضاربة فإن كان المقصود بالسفر هو الحج ولم يشتغل في ذلك السفر بحفظ مال المضاربة ولا بالتصرف فيه فالمؤنة جميعها من مال الحج لا من ربح
(١) المسألة فيها تفصيل كما في البيان (٣/ ٥٧٥، ٥٧٦)، وهامش شرح الأزهار (٦/ ٣٧٦، ٣٧٧) وستأتي ص ٧٢٨.