تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في أحكام المضاربة الفاسدة:

صفحة 729 - الجزء 4

  ربح أم لا، فإن الحكم في ذلك أن نقول: ما حصل من الربح يكون للمالك وعليه أجرة العامل سواء حصل ثمة ربح أم لا، فإن أعطاه ما شرطاه حال التسليم فإن كان من غير جنس الربح جاز، كأن يكون الربح من الدراهم وأعطاه قطناً، وهو المشروط في كل شهر مثلاً عشرة ثياب جاز أخذ ذلك سواء كان قيمة تلك الثياب أقل من الربح أو مساوية أو أكثر، وإن كان الذي يعطيه - الذي هو المشروط - من جنس الربح جاز له أخذ ما يساوي الربح ويحرم الزائد عليه؛ لأنه يكون بيع الجنس بجنسه متفاضلاً.

  وهذا التفصيل جميعه حيث المال في يد العامل باق لم يكن قد تلف وهو أيضاً يتجر فيه ويحصل له أيضاً ربح في تلك التجارة، أما لو كان المال قد تلف في يد العامل فقد صار ديناً في ذمته فلا يحل للمالك أن يأخذ إلى مقابل الدين شيئاً⁣(⁣١)، بل يرد ما سلمه له العامل، وكذا لو⁣(⁣٢) كان المال أيضاً باقياً في يد العامل لم يتجر فيه أو يتجر فيه ولم يحصل ربح بالكلية فلا يستحق المالك شيئاً مما يعطيه العامل؛ لأنه لا إلى مقابل شيء، فيرد للعامل ما دفعه له. وهذا التفصيل أيضاً حيث أعطاه المال للتجارة على ذلك الشرط، أما لو أعطاه المال قرضاً على أن يسلم له في كل شهر كذا فهذا ربا محض لا يستحق شيئاً مما يسلمه له، ويلزم رده ولو حصل ربح في ذلك المال لو اتجر فيه المستقرض.

  هذا حكم الإجارة الفاسدة فساداً أصلياً، وأما الباطلة - وهو أن يشرط عليه أن يتجر فيما لا يجوز تملكه كالخمر والخنزير ونحوهما - فلا يستحق شيئاً من الربح، ولا يستحق العامل أجرة على ذلك العمل؛ لنهي الشارع - عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام - عن ذلك.


(١) لفظ هامش شرح الأزهار (٦/ ٣٧٦): فإن أتلفه صار± ديناً عليه للمالك، ولا يحل له ما يربحه من بعد، ولا حيث لم يتجر فيه أو اتجر ولم يربح. ولو اعتمد المؤلف | ألفاظ شرح الأزهار والبيان وهامشيهما لأراح واستراح.

(٢) في المخطوطات: أو كان.