تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(كتاب الوديعة)

صفحة 244 - الجزء 5

  أودع صبي عند غيره بالغاً ذلك الغير أم صغيراً لم يصح الإيداع، ولا يبرأ ذلك الذي صارت العين في يده بالرد إلى الصبي، بل إلى وليه، ويجب الرد إلى الولي فوراً وإلا ضمن، إلا أن يقبضها خشية ضياعها فهو محسن، فإذا تلفت لم يضمن؛ إذ {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}⁣[التوبة ٩١] إلا ما جرى به العرف من رده إلى ذلك الصبي كثوبه ونحوه برئ بالرد إليه.

  فَرْعٌ: واعلم أنه يصح الإيداع والاستيداع من السكران إذا كان غير مميز، وكذا أيضاً يصح ذلك من المحجور ماله ولا يمنع من ذلك، والله أعلم

  ولا بد أيضاً أن يقع الإيداع والاستيداع بين جائزي التصرف (بالتراضي) فإذا⁣(⁣١) أكره شخص على أن يودع كانت تلك العين غصباً في يد الوديع، وإن أكره أن يستودع لم تصر العين في يده أمانة ولا ضمانة.

  (وهي) يعني: الوديعة في يد الوديع (أمانة) إجماعاً (فلا يضمن) ما تلف من ذلك وإن ضمن (إلا لتعد) حصل منه (كاستعمال) للعين المودعة عنده، كلبس الثوب وركوب الدابة فتصير مع ذلك مضمونة عليه، إلا أن يجري بذلك عرف أو ظن الرضا من المودع فلا تعدي في ذلك (و) كذلك إذا وقع (نحو إعارة) للعين المودعة، ونحو الإعارة التأجير والرهن، فإذا أعار العين أو أجرها أو رهنها فقد تعدى في ذلك⁣(⁣٢) فيضمن.

  مَسْألَة: ويضمن الوديع بالنسيان والضياع؛ إذ هو تفريط.

  (و) من التعدي أيضاً وقوع (تحفُّظ) من الوديع للعين (فيما لا يحفظ مثلها) يعني: الوديعة (في مثله) من الأمكنة بل يجب عليه أن يحفظ العين المودعة عنده في مكان يليق بها ويحفظ مثلها فيه، فللدراهم ونحوها من الأمتعة الصندوق والخزانة والمكان المغلق كالمخزان ومثله من الأمكنة، والدابة في سفل داره الذي عليه باب أو في مكان آخر عليه باب، ومثلها الأخشاب ونحوها، فلو وضع الدراهم في موضع الدابة فهو مفرط،


(١) في (ج): «فلو».

(٢) لعلها: بذلك.