تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(كتاب الوديعة)

صفحة 245 - الجزء 5

  إلا أن يقصد بذلك زيادة مبالغة في الحفظ كأن يحفر لها حفيراً في ذلك الموضع فلا بأس بحفظ مثلها في مثل ذلك المكان، ومن أمكنة الدراهم الكم والجيب أيضاً في حال السير إلى البيت أو إلى الحانوت لا مطلقاً، فليس له أن يبقيها في جيبه أبداً، فإن فعل ضمن، لا في الطريق فقط فلا بأس؛ لجري العرف بذلك.

  فَرْعٌ: فإن عين المالك للوديع مكاناً يضع فيه الوديعة فإما أن ينهاه عن غيره أو لا ينهاه، إن لم ينهه عن غيره: فإن كان غير حريز كأن يأمره أن يضعها في الطريق، فإن فعل ضمن وسواء كان قد نقلها أم لا؛ إذ التخلية كافية؛ لجري العرف بذلك، وإن عين مكاناً حريزاً لمثلها: فإن وضعها فيه فلا ضمان، وإن وضعها في غيره: فإن كان مثله أو أعلى لم يضمن أيضاً، وإن كان دون ضمن⁣(⁣١)، فإن نهاه عن النقل إلى غيره ونقلها⁣(⁣٢) إلى أعلى لم يضمن، ولعله إذا نقلها⁣(⁣٣) إلى مثل لم يضمن أيضاً.

  وضابطه: أن العبرة بحفظها - يعني: الوديعة - فيما يحفظ مثلها في مثله من الأمكنة من غير فرق بين أن يأمره أو لا، وبين أن ينهاه أو لا، والله أعلم.

  فائدة: إذا نهاه أن يأذن لغيره بالدخول إلى مكان الوديعة لم يضمن بالإذن للغير بالدخول؛ لأن له أن يأذن بالدخول إلى ملكه لمن شاء، إلا أن يقع ذلك الإذن سبباً لتلفها⁣(⁣٤) بأن يسرقها المأذون له بالدخول أو يدل عليها ضمن⁣(⁣٥)، والله أعلم.

  ومن التعدي أيضاً في الحفظ قوله: (أو) يضعها الوديع عند شخص لا يحفظ مثلها (معه) كوضع نحو العشرين القرش عند ولده الصغير أو زوجته التي لا يضع⁣(⁣٦) ماله


(١) إن كان لا يحفظ مثلها في مثله. (é). ولفظ حاشية: والأولى عدم± الضمان إذا كان الأدون حرزاً لمثلها. (من هامش شرح الأزهار ٧/ ٢٩٥).

(٢) في المخطوطات: ونقله.

(٣) في المخطوطات: نقله.

(٤) لفظ البيان (٤/ ٢٩٩) وهامش شرح الأزهار (٧/ ٢٩٥): إلا أن يكون تلفها بسبب ذلك الدخول.

(٥) ولعله يقال: إنه غير متعد في السبب. فلا يضمن±. حيث جرى عرف¹ بالدخول، وإلا ضمن. (من البيان وهامشه ٤/ ٢٩٩) وهامش شرح الأزهار (٧/ ٢٩٥).

(٦) مكانها في المخطوطات هنا وفي قوله: «يضع مثل تلك العين»: يوضع.