(فصل) في بيان اليمين المركبة وما يتعلق بها من الأحكام
  فيها وقت اليمين، بل لا بد من خروجه ودخوله ابتداء.
  هذا في مثالي الفعل في المركبة والقسم، وحيث يكون في المركبة تركاً فيما لو قال لامرأته: «إن لم تدخلي الدار فأنت طالق» فإذا كانت في الدار حال اليمين لم يكفِ [ذلك في بر يمينه](١)، بل لا بد من خروجها ثم تدخل، وإن لم تفعل طلقت، ويتبين عدم فعلها بالموت، فتطلق قبيل موت أحدهما؛ لأنه وقت تعذر الفعل، و «إن لم» للتراخي فلا تطلق إلا بذلك. وكذا الأكل والشرب فإن الاستمرار عليهما ليس كالابتداء، فالاستمرار في الأكل: أن يزدرد ما في فيه ولو ابتدأ المضغ، والاستئناف أن يتناول لقمة أخرى، والاستمرار على الشرب أن يبتلع ما قد صار في فيه، والابتداء أن يتناول من الإناء جرعة أخرى، فتأمل، والله أعلم.
  (لا) لو كان الحلف في اليمين المركبة أو القسم بـ (ـالسكون(٢) ونحوه) وهو اللبس والركوب والقيام والقعود (فللاستمرار) على ذلك ويقع الحنث به؛ لأن الأيمان (بحسب الحال) المقتضي أن الاستمرار على الشيء حنث أو لا، فإذا قال لامرأته: «إن سكنت هذه الدار، أو إن ركبت كذا، أو إن قمت، أو إن قعدت فأنت طالق» وكانت حال اليمين متصفة بما علق طلاقها به، بأن تكون ساكنة في الدار أو راكبة الدابة أو قائمة أو قاعدة وقد حلف من ذلك، فإذا استمرت على ذلك حنث، يعني: طلقت؛ لأن العرف قاضٍ بذلك، وهو أن الاستمرار على ذلك كالابتداء له، وإن خرجت من الدار فوراً - ويعفى لها قدر ما تنقل متاعها - لم تطلق، وكذا لو تنحت عن الدابة فوراً، أو قامت من القعود، أو قعدت من القيام المحلوف منه، أو تأهبت لذلك وفعلت - لم تطلق. وكذا لو كان المحلوف منه لبسها للثوب طلقت إن استمرت في لبسه، وإن نزعته فوراً لم تطلق، والفارق بين هذه الأشياء أن الاستمرار عليها حنث، بخلاف ما قبلها فلا يكون كذلك حنثاً - العرفُ في ذلك، فيتبع في كل شيء، فافهم.
(١) ما بين المعقوفين من شرح الأزهار (٨/ ٧٧).
(٢) كذا في المخطوطات. ولعل الصواب: لا لو تعلقت المركبة أو القسم بالسكون.