تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب: والكفارة)

صفحة 466 - الجزء 5

  يوصي بها وتكون من رأس المال. وأما إذا لم يقع الحنث إلا في حال مرضه المخوف أو أوائله فالكفارة من ثلث مال ذلك المريض، وسواء كانت اليمين في حال المرض أم في حال الصحة ولم يحنث إلا وقد صار مريضاً ومات من ذلك المرض، أما إذا شفي منه فهي من رأس ماله وإن حنث وهو في حال المرض؛ لانكشاف المرض غير مخوف، فتأمل.

  فَرْعٌ: ويجب إخراج ثلث [مال] ذلك الحالف كفارة في حنثه، وسواء وفى ثلثه بالكفارة أم لم يفِ ويبقى الزائد في ذمة الميت، ويجب أن يقسط ذلك الموجود بين عشرة مساكين؛ لأنها كالدين لكل واحد قسطه وإن لم يأتِ كاملاً.

  مَسْألَة: من التزم الكفارة عن غيره لزمه، وللملتزم له مطالبة الملتزم ويخرجها عن نفسه ولا يخرجها الملتزم؛ لأنه تبرع في حق الله تعالى، وهو لا يجزئ، إلا أن يوكله بالإخراج عنه أجزأ.

  وإنما تلزم الكفارة الحالف إذا كان عند يمينه وحنثه (مسلماً) لا كافراً حال اليمين أو ارتد بعد أن حلف وحنث في حال الردة أو بعد الإسلام فإنها لا تلزم الكفارة؛ لأن الردة تحل اليمين فلا يبقى حكمها، وهو لزوم الكفارة.

  (و) اعلم أنه (لا يجزئ التعجيل) للكفارة قبل الحنث بما⁣(⁣١) حلف منه، بل لا يخرج إلا بعده، وسواء كفر بما هو أصل في التكفير - أحد الثلاثة الأشياء المخير فيها - أم بالفرع وهو الصوم كما يظهر لك إن شاء الله قريباً.

  لا يقال: لِمَ جاز التكفير في كفارة القتل بعد الجراحة ولو قبل الموت كما يأتي إن شاء الله تعالى؟ لأن السبب في كفارة القتل - وهي الجراحة - قد وجدت ولم يقع التكفير إلا بعد وجود السبب، بخلاف التكفير هنا فسببه الحنث؛ ولذا لم يصح أن يتقدم التكفير قبل حصول سببه - وهو الحنث - فافهم.


(١) في (ج): «لما».