(باب: والكفارة)
  الكفارة، لكن هذا إن نوى المعتق عتق العبد جميعه أو لفظ بعتق الكل حيث يأذن له شريكه، وحيث يكون المعتِق موسراً فإن لم يقصد إلا إعتاق حصته في العبد عن الكفارة والباقي في العبد عتق بالسراية لم يجزئ؛ لأنه لم يتناول الإعتاق كل الرقبة.
  واعلم أنه قد يجزئ العتق عن الكفارة وإن لزم العبد أن يسعى، وذلك في صورتين: أحدهما: لو أعتق أحد عبديه عنها ثم التبس أيهما المعتَق فإنهما يعتقان معاً؛ للالتباس، ويلزم كل واحد أن يسعى بنصف قيمته، وقد أجزأ العتق عن الكفارة.
  والصورة الثانية: حيث يعتقه مشتريه عن الكفارة ويعسر عن تسليم الثمن، فإن البائع يستسعي العبد في الأقل كما تقدم، ويرجع العبد على المعتق متى أيسر، ويجزئ عن الكفارة، فتأمل، والله أعلم.
  نعم، (و) إذا كان الإعتاق متناول كل الرقبة من دون سعي على العبد فإنه (يجزئ) إعتاق (كل مملوك) من مؤمن وفاسق وكبير وصغير، ولو لم يكن به نفع لصغره أو كبر سنه، إلا أنه لا يجزئ عتق الصغير حيث كان أبواه كافرين إلا إذا كانا في دار الكفر دونه، أو في دارنا وقد أسلم أحدهما، أو قد ماتا. ويجزئ المدبر، والمكاتب إن رضي وفسخ(١) عقد الكتابة، وسواء كان ابن فراش أو ابن زنا، أو كان مأيوفاً بعرج أو عمى أو خرس أو شلل أو جنون أو جذام، ولو قد استحق عليه القصاص وقد أقيد(٢) له، أو مدنفاً، أو أكيل كلب كلب، أو متردياً من شاهق وأعتقه مالكه حاله هويه - فإن ذلك كله مجزئ عن الكفارة، وكذا لو كان العبد غائباً أو آبقاً مع العلم بحياته أو الظن بها، فهو كافٍ؛ لأن الأصل الحياة، لا مع العلم بالموت أو التباس الحال فلا يجزئ، إلا إذا حصل علم أو ظن بعد بالحياة(٣).
  فائدة: لو كان العبد رحماً لمن أعتق عنه بإذنه لم يجزئ، كأن يقول رحم العبد لمالكه: «أعتق عبدك عني على كذا» فقال المالك له: «أعتقت»، فكأنه باعه إليه، وهو
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) كذا في المخطوطات، ولعل الصواب: قيد.
(٣) في المخطوطات: الحياة.