تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

[فصل: في ذكر ما لا يسمع من الدعاوى]

صفحة 620 - الجزء 5

  فإنها لا تسمع دعواه بالرد وإن أقام على ذلك البينة؛ لأن قوله من قبل: «لم تودعني شيئاً» يكذب [دعوى] الرد؛ إذ لا يرد ما لم يودع، وكذا في كل عين ادعي بها⁣(⁣١) وهي غير مضمنة فجحدت ثم ادعى الرد بعد ذلك؛ لأنه غير ملجأ. وهذا حيث يدعي الرد في مجلس الإنكار أو بعده بوقت⁣(⁣٢) متقدم، وإلا سمع منه دعوى الرد؛ لجواز إيداع ورد آخر.

  وأما لو قال: «ما لَك - بالنصب للّام - عندي وديعة أو عارية أو مؤجرة» ثم بعد إقامة البينة بذلك ادعى الرد فإنها تسمع دعواه وبينته؛ لأنه لم يتقدم دعواه ما يكذبه؛ لأن قوله: «ما لك عندي كذا» يحتمل أنه في تلك الحال لا يلزمه؛ لعدمه بعد رده عليه. وأما لو رفع اللام بقوله: «مالُك عندي وديعة» وكان يعرف العربية فإنه يكون إقراراً بكونها عنده وديعة؛ لأن «مالُك» يكون مبتدأ و «وديعة» خبره.

  تنبيه: وأما إذا كانت العين مضمنة مع المدعى عليه فإنها تسمع دعواه بالرد بعد الجحود لها من الأصل؛ لأنه مُلجأ إلى الإنكار؛ لأنه لو ادعى الرد لم يقبل منه، فافهم. ومن ذلك إنكار البائع للعقد وكذا الرهن والقرض لو أنكر شيئاً منها فإنه يسمع منه الدعوى؛ لما قلنا: إنه ملجأ إلى الإنكار.

  وقوله #: (محضاً) إشارة إلى أن الدعوى إنما لا تسمع حيث يكون قد تقدمها [ما يكذبها محضاً، لا] في الظاهر فقط فإنها تسمع، وهي صور:

  منها: أن يدعي بحق⁣(⁣٣) على الغير فيقول المدعى عليه: «ما له عليّ حق، أو لا أعرف ما يقوله من ثبوت الحق عليّ، أو يقول للمدعي: «لا أعرفك»، فإذا أتى المدعي بالبينة على ما ادعاه فقال المدعى عليه: «قد رددته عليك أو قد أوفيتك أو قد أبرأتني منه» فإنها تسمع دعواه وتقبل بينته، ولا يقدح في دعواه ما تقدمه من الإنكار للحق؛ لأن قوله: لا يعرفه، أو لا يعرف ما يقوله، أو لم يكن عندي حق، يحتمل أنه قد رده أو قد أوفاه فليس


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) لفظ هامش شرح الأزهار (٨/ ٣٠٤): بتاريخ متقدم.

(٣) كذا في المخطوطات.