[فصل: في ذكر ما لا يسمع من الدعاوى]
  له عليه حق؛ لأنه بعد سقوط الحق بوجه لم يكن عنده له حق، فهو مطابق لشهادته من عدم ثبوت الحق عليه، فلم يكن مكذباً للشهادة، وكذا لو قال: «ما لك عليّ شيء» فهو كذلك تسمع منه البينة بالسقوط؛ لتوافق البينة والدعوى.
  ومن ذلك لو أراد رد سلعة بخيار رؤية أو شرط أو عيب على إنسان وادعى أنه شراها منه فقال المدعى عليه: «ما بعت منك شيئاً»، فلما أقام المدعي البينة ادعى البائع أنه قد رضي بالعيب أو أنه قد نفذ البيع بمضي وقت الخيار أو أنه قد رآه رؤية مميزة في خيار الرؤية - سمع منه ذلك الدعوى ولا يضر ما تقدمه من الإنكار؛ لأن قوله: «ما بعت منك شيئاً» يعني: ما بعت منك شيئاً يلزمني [قبول] رده؛ لأنك قد رضيت بالعيب في خيار العيب أو [قد حصل] ما يسقط الرد من الأمور في غيره.
  ومنها: لو ادعى أنه وكله ببيع ثوب باعه فهو مطالب له بالثمن فقال: «ما بعت لك شيئاً» فلما أقام المدعي البينة أنه وكله بذلك فادعى بعد إقامة البينة أنه قد وفر الثمن للموكل - فإن كان ضميناً سمع منه الدعوى على التوفير للثمن والبينة، وإن كان أميناً فكالوديعة لا تسمع منه الدعوى بالتوفير؛ لأنه غير ملجأ إلى الإنكار.
  فهذه الصور التي احترز بها(١) الإمام # بقوله: «محض».
  فَرْعٌ: ومن ادعى على شخص شيئاً وحلفه على ذلك ولم يقم بينة فله أن يدعيها [في ذلك المجلس] على غير المدعى عليه الأول، ولا يتوهم أن الدعوى على الأول تكذب [الدعوى] على الثاني؛ لأنه يتجوز أنهما - يعني: المدعى عليه الأول والثاني - غاصبان، فله أن يدعي على كل واحد منهما.
  (و) الصورة الثانية: أن تكون الدعوى (على ملك كان) للمدعي أو لمورثه فإنها لا تسمع؛ لاحتمال الانتقال بعده، إلا في صور خمس:
  الأولى: أن تكون الدعوى مقيدة بقوله: «ولم يخرج عن ملكي إلى الآن» أو قال: «كان لمورثي ولم يخرج عن ملكه إلى أن مات» فإن الدعوى تسمع على ذلك ولو كانت
(١) كذا في المخطوطات. والصواب: عنها.