(فصل): في وجوب أداء الشهادة وعدمه ومسائل تتعلق بذلك
(فصل): في وجوب أداء الشهادة وعدمه ومسائل تتعلق بذلك
  (و) اعلم أن الشاهد إما أن يكون قد تحمل الشهادة أو لا، والتحمل: هو أن يسمع الأمر المشهود عليه قاصداً للتحمل. والتحمل هذا هو الذي تدخله الأحكام الخمسة التي مر بيانها في أول الكتاب. إن كان قد تحملها فإنه (يجب على متحملها الأداء) للشهادة عند طلب المشهود له، وسواء كان المتحمل لها حراً أم عبداً مأذوناً له بالتحمل من سيده وإن لم يأذن له بالأداء، وإن لم يكن آذناً له بالتحمل لم يؤدها إلا بإذن سيده إن كان على سيده نقص في الخدمة بالمشي لها(١). فيجب الأداء بعد التحمل (لكل أحد) يعني: سواء كان المشهود له مسلماً أم كافراً، ولا يزال الوجوب على الشاهد لأداء الشهادة ولو مرة بعد مرة (حتى يصل) المشهود له (إلى حقه) المشهود فيه إذا كانت الشهادة (في) الحق (القطعي) وهو الذي لم يخالف في وجوبه أحد من أهل العلم، وذلك كالدين الثابت بإقرار من هو عليه، ونفقة الولد الصغير المعسر، ونفقة الزوجة الصالحة للوطء المدخول بها مع كونها صائرة في بيت الزوج، ونحو ذلك من الحق المجمع عليه، فمن تحمل شهادة في ذلك وجب عليه أداؤها (مطلقاً) سواء طلب أن يؤديها إلى حاكم محق أو إلى غيره من غير حاكم أو حاكم غير محق؛ لأن الحق القطعي لا يحتاج في ثبوته إلى حكم، بل يتوصل إلى استخلاصه ممن هو عليه كيف أمكن. إلا أن يوهم بإقامة الشهادة إلى غير المحق أنه محق أو تؤدي إقامة الشهادة لدى(٢) غير المحق إلى إغرائه على(٣) فعل القبيح لم يجز للشاهد أداء الشهادة إليه.
  فَرْعٌ: فإن خشي الشاهد أن يفعل بالمشهود عليه زائد على استخلاص الحق منه
(١) لفظ البيان (٥/ ٤٢١) وهامش شرح الأزهار (٨/ ٤٤٦): وإن لم يأذن له في التحمل فله متعة من الأداء إلا حيث يخشى تلف الحق ولم يكن يمنع من خدمة السيد.
(٢) أكثر المؤلف من جعل «لدى» ظرفاً للمعاني، مع أنها لا تكون ظرفاً لها، بل للأعيان خاصة كما في المغني وغيره.
(٣) في المخطوطات: إلى.