تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يصح الإرعاء فيه من الشهادة وما لا يصح، وبيان كيفية أدائه وتحمله

صفحة 34 - الجزء 6

  المنصب ذلك الشاهد لا يصل مثله إلى مثل ذلك الموضع - أعني: موقف الحاكم - فذلك ليس بعذر في صحة الإرعاء على المختار (أو) كان الأصل (غائب) عن مجلس الحاكم جاز له الإرعاء وصح إذا كانت تلك الغيبة (بريداً) لا دونه فلا يصح معها إلا أن يحتاج في الوصول إلى الحاكم إلى مؤنة ذلك الشاهد كان عذراً ولو كانت المسافة قريبة كخارج البلد أو نحوها. ومن الأعذار الخوف لو خاف الشاهد على [نفسه أو] شيء من ماله أو مال غيره الذي يجب عليه حفظه لو سار لأداء الشهادة ولو كان المال قليلاً. والمرض عذر في صحة الإرعاء ولو لم يحصل معه إلا التألم فقط.

  فَرْعٌ: فلو حضر الأصول إلى مجلس الحاكم قبل أن يحكم بشهادة الفروع لم يكن له أن يحكم بشهادة الفروع، كالعادم [للماء] إذا وجد الماء والوقت باقٍ، فإن خرج الأصول من مجلسه قبل الحكم لم يمنع من الحكم بشهادة الفروع⁣(⁣١) إن لم يشهد الأصول عنده؛ إذ لم يبطل الإرعاء نفسه بحضور الأصول إلى مجلسه، وإنما منع من الحكم لحضور الأصول، فإذا لم يشهدوا، بل خرجوا قبل الشهادة كان للحاكم بعد خروجهم أن يحكم بما كان سيحكم به أولاً، وأما لو حضر الشهود إلى بلد الحاكم لم يمنع من الحكم بشهادة الفروع لدخول الأصول البريد؛ إذ قد صح التحمل أولاً ولا مانع منه، فيستمر على الصحة الأصلية، ما لم يحضروا مجلسه كما مر قريباً.

  نعم، وليس للفرع أن يشهد على شهادة الأصل بمجرد سماعه للشهادة من لسان الأصل أو سمعه يرعي شخصاً آخر، بل لا بد أن يأمره الأصل بأن يشهد عنه، فيعتبر أن (يقول) له (الأصل: اشهد) أو أمرتك أو أذنت [لك] أن تشهد (على شهادتي أني أشهد بكذا) فهذه ثلاثة ألفاظ لا بد أن يأتي بها الأصل، فلو قال: «اشهد عليَّ أني أشهد بكذا» ولم يقل: على شهادتي، أو قال: اشهد أني أشهد بكذا، ولم يقل: عليَّ ولا شهادتي - لم يصح ذلك في الصورتين معاً.


(١) بعد تجديدها. (é) (من هامش شرح الأزهار (٨/ ٤٨٩).