(فصل): في بيان ما يسقط به حد الزنا، وما يجب على الإمام فعله من الاستفصال، وحكمه لو ترك ذلك
  الاحتمال وله زوجة أن يقع الوطء في ليل أو عقيب نوم أو عمى أو عمى زوجته فهو يحتمل مع هذه أن يأتي غيرها، فإذا ادعى أحد هذه الأشياء سقط عنه الحد؛ للاحتمال. ومن ذلك دعوى عدم معرفته بتحريم الزنا وهو قريب عهد بالإسلام، لا إن كان قد تقادم عهده فلا احتمال. ومن ذلك أن تبيح المرأة أمتها لزوجها فيطأها جاهلاً للتحريم ويدعي الجهل بذلك مع الإباحة، لا إن أباحت له امرأة تستحق زوجته عليها القود فلا معنى للإباحة في ذلك، فإذا ادعى الجهل لم يسمع منه؛ لعدم الاحتمال.
  (و) الثاني: دعوى (الإكراه) فإذا ادعى الزاني سواء كان رجلاً أو امرأة أنه أكره على الزنا سقط عنه الحد، سواء كان يحتمل الإكراه أم لا، ولا يثبت مهر ولا نسب.
  (و) الثالث: (باختلال الشهادة) إلى ما يجرح به من فسق أو غيره فيسقط بذلك الرجم والجلد إذا اختلوا (قبل التنفيذ) لما حكم به الحاكم ولو بعد الحكم، وإن كان إلى ما لا يجرح به من عمى أو خرس أو موت فيسقط بذلك الرجم فقط لا الجلد (وقد مر) في الشهادات (حكم الرجوع) عن الشهادة على الزنا، وهو إن كان قبل التنفيذ للحد بطل الحد ولو بعد الحكم، وإن كان بعد التنفيذ لزمهم القصاص أو الأرش كما مر، فراجعه هناك.
  (و) إذا رجع الشهود بعد التنفيذ فإنه يجب (على شاهدي الإحصان ثلث الدية) وعلى شهود الزنا ثلثان؛ لأنه وقع القتل بمجموع فعلهم فيشتركون في الدية، وهذا حيث لم يقروا بالعمد كما مر، وسواء أقروا بالخطأ(١) أم سكتوا، وسواء رجعوا هم وشهود الزنا أم وحدهم فعليهم الثلث من الدية؛ لما ذكر (و) يلزم شاهدي الإحصان (الثلثان) من الدية، وذلك (إن كانا من) جملة (الأربعة)(٢) الذين شهدوا بالزنا، فيلزمهم الثلث لكونهم شاهدين بالإحصان،
(١) لعل الصواب: ادعوا الخطأ.
(٢) حيث رجعا عن الإحصان والزنا، فإن رجعا عن الإحصان فقط فالثلث، أو عن الزنا فقط فالثلث، أو رجع شاهدا الزنا فقط فالثلث. (é) (من هامش شرح الأزهار ٩/ ١٠٧).