(فصل): فيما يجب على المكلف بعد دعوة الإمام
  يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٩١ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ}[التوبة] وعليه قبول الزاد من الإمام؛ إذ في بيت المال حق له فلا منة.
  فائدة: وقد اختص أمير المؤمنين علي # من فضيلة الجهاد ما لم يختص أحد، فقتل بيده المباركة ثمانين ألفاً من أعداء الله تعالى، منهم سبعون ألف مبارز، وشهد له بذلك جبريل # بأحد بقوله: «لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي».
  واعلم أن الجهاد يجب على المكلف أن (يخرج له و) كذا (لكل واجب) إذا كان فعلها في غير بلده كالحج وطلب العلم وغيرها من سائر الواجبات، فحيث لا يقوم بالواجب إلا خارج بلده يجب عليه أن يخرج له.
  فَرْعٌ: وأما المديون فإذا كان يعلم أو يظن أن الحاجة إليه داعية فإنه يجب عليه الخروج، ويجب عليه الإيصاء بالدين الحال، وبالمؤجل عند حلول أجله، وقد مر في الحج أنه إذا تعين عليه جهاد أو قصاص أو نكاح أو دين تضيقت [فتقدم] قبل الحج، وإلا أثم وأجزأ الحج، والله أعلم.
  (أو) كان الذي يخرج له المكلف (مندوب) فإنه يندب له الخروج له كالحج نفلاً وزيارة قبر النبي ÷ (غالباً) يحترز من بعض صور الواجب والمندوب فإنه لا يخرج لذلك، أما صور الواجب فذلك حيث يخرج لواجب ويترك واجباً أهم منه، كأن يخرج لفرض كفاية ويترك فرض عين، وذلك كالخروج لطلب العلم الذي هو فرض كفاية ويخل بنفقة من يلزمه [إنفاقه و] التكسب عليه من زوجة أو ولد أو والد عاجز أو نحو ذلك، وكالخروج لطلب العلم مع كون في جهة ذلك الخارج جهاد واجب معين، كمع إمام أو مع مدافع عن نفسه محترم ولو ذمياً.
  فَرْعٌ: ويقدم من طلب العلم والجهاد ما يخشى ضياعه، فإن خشي ضياعهما قدم العلم؛ إذ به يعلم الجهاد، ولأن الله تعالى علم رسول ÷ ثم أمره بالجهاد، ولأن وجود العلم علة مؤثرة في وجود الجهاد، ووجوده علة غائية في وجود العلم، والمؤثرة مقدمة في الوجوب على الغائية.