تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب: و) صلاة (الجماعة)

صفحة 523 - الجزء 1

  (أو) اختلفا في التحري أيضاً (طهارة) وفي ذلك مثالان: الأول: أن تقع نجاسة في ماء ولم تغيره، فقال أحدهما: هو قليل فلا يجزئ التطهر به وإن لم يتغير، وقال الآخر: هو كثير فيجوز التطهر به حيث لم يتغير بالنجاسة.

  المثال الثاني: أن تقع نجاسة في أحد ثلاثة أمواه والتبس الطاهر، وتحرى كل واحد في الطاهر من الثلاثة، واختلف تحريهما، فتوضأ⁣(⁣١) كلٌ منهما بما لم يظنه الآخر هو الطاهر، ففي هذه - صور الاختلاف في التحري في أحد الثلاثة الأمور - لا يصح أن يؤم أحدهما بالآخر؛ لاختلاف متحراهما؛ إذ كل واحد عنده أن الآخر مخطٍ، وسواء اتفق مذهبهما أم اختلف.

  فَرْعٌ: وإذا غلب في ظن أحدهما صدق ما قاله صاحبه في القبلة أو في الطهارة أو في الوقت جاز له أن يدخل معه ولو قد أدى⁣(⁣٢) بعض الصلاة، فينحرف في القبلة إلى جهة الآخر⁣(⁣٣)، فيأتم به وينوي الإمامُ الإمامة والمؤتمُ الائتمام به عند ذلك؛ إذ تصح النية المتوسطة كما يأتي. وكذا إذا دخل بعد ما ظن دخول الوقت أو بعدما انحرف الإمام إلى جهته فإنه يصح للآخر أن يأتم به ولو كان الإمام هو الذي انحرف إلى جهة المؤتم؛ إذ كلٌّ متعبد بظنه، وكل مجتهد مصيب، فتأمل.

  فَرْعٌ: وكذا لو صلى الظهر من اعتقد دخول وقته، أو إلى الجهة التي اعتقدها، ثم صلى العصر في وقته إلى الجهة التي اعتقد الثاني، وائتم به الثاني - فإنه يصح أن يأتم به في هذه - صلاة العصر -؛ إذ الإمام مجتهد في صلاة الظهر في ذلك الوقت أو إلى تلك الجهة، وكل مجتهد مصيب، فلا يتوهم أن المؤتم يرى عدم صحة صلاة الظهر للإمام فلا يصح أن يؤم به في العصر لوجوب الترتيب، فتأمل.


(١) في (ج): «وتوضأ».

(٢) أي: الإمام. (شرح).

(٣) ظاهر هذا أنه يجوز لمن قد أدى بعض الصلاة منفردًا أن يدخل مع غيره مؤتما به وتصح نية الائتمام المتوسطة، وإلا فما فائدة قوله: (فينحرف في القبلة إلى جهة الآخر؟) وفي هامش البيان: يعني ابتدأ الصلاة مؤتمًا به. فينظر.