(باب المياه)
  مَسْألَة: وإذا وقعت النجاسة في ماء قليل أو كثير أو جارٍ فانتضح منه إلى إنسان أو ثوب فإنه يكون المنتضح نجساً، وإذا وقع الماء على نجاسة فانتضح منه فإنه يكون المنتضح نجساً أيضاً، والله أعلم.
  وإذا التبس الماء هل قليل أم كثير، فإما أن يكون أصله الكثرة ثم نقص منه حتى التبس هل قد صار قليلاً أم كثيراً، (أو) يكون أصله القلة ثم زيد عليه ماء و (التبس) هل قد صار كثيراً أم لا - ففيما التبس وأصلُه الكثرةُ يبقى على أصله ولا ينجس بوقوع النجاسة فيه، إلا إذا تغيرت بعض أوصافه، وفيما أصله القلة والتبس بعد أن زيد عليه يبقى على أصله ويلحق بالقليل؛ فينجس بوقوع النجاسة فيه وإن لم تُغيّر بعض أوصافه، وكذا فيما التبس أصالةً ولم يكن هذا أصله القلة و [لا] الكثرة فإنه يلحق بالقليل؛ فينجس بها مطلقاً.
  الرابع مما ينجس من المياه ما أشار إليه ¦ بقوله: (أو) كان الماء (متغيراً) ريحه أو لونه أو طعمه، وكان ذلك التغير (بطاهر) غير مطهر، كالحناء وسائر الرياحين والمسك والكافور والزعفران والورس، أو نحو ذلك مما يغير بعض أوصافه وهو طاهر إن لم يكن من أصله أو مقره أو ممره - فإذا قد صار الماء متغيراً بشيء من ذلك صار كالقليل؛ فإذا وقعت فيه نجاسة تنجس بها (وإن كثر) يعني: كان حال وقوع النجاسة فيه مع تغيره كثيراً؛ بأن لا يظن استعمال النجاسة باستعماله، فتغيره بذلك يصيره في حكم القليل تنجسه النجاسة وإن لم يتغير بها.
  وهذا حيث كان تغيره بذلك الطاهر بممازجة أجزاء ذلك الطاهر للماء، لا إذا كان لأجل المجاورة فلا يصير بذلك في حكم القليل ولا ينجس بها؛ لعدم تغيره كذلك.
  وإنما هذا الحكم في التغير بالطاهر غير المطهر، لا إذا كان تغير شيء من أوصاف الماء بمطهِّر، كالماء المالح والتراب ونحوهما، وكذا لو تغير بسمك أو متوالد فيه، أو مقره، أو ممره، أو أصله، فإن تغيره بذلك لا يخرجه عن حكم الكثير ولو تغير بذلك جميعُ أوصافه، فافهم.