تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يرفع الحدث من المياه

صفحة 59 - الجزء 1

  والأشجار؛ ولا يكره الوضوء ونحوه بالماء المشمَّس - يعني: الموضوع في الشمس عمداً للتسخين - فهو كما لو لم يقصد تسخينه، وكذا بالمسخَّن بغيرها؛ ويصح بفضلة الجنب والحائض إذا لم يكن قد تغير، ولا مانع من ذلك.

  مَسْألَة: ويجوز التوضؤ بماء الآبار والمناهل والأراضي المملوكة بغير إذن أهلها، إذا أخذ الماء منها إلى خارج⁣(⁣١).

  ومن توضأ في موضعٍ مملوكٍ لغيره من منهلٍ أو بئرٍ أو غيرهما ولم ينقل الماء أثم بذلك وأجزأ؛ إذ لم يعص بنفس الطاعة.

  ويعتبر في الماء الذي يرفع به الحدث ونحوه - وهو: ما فيه قربة، كالغسل للجمعة والعيدين ونحوهما، وغسل الميت، وغسل اليدين قبل الطعام وبعده، وضابطه: كل غسل قربة مفتقر إلى نية - فإنه لا يرتفع إلا بما جمع شروطًا أربعة:

  الأول: أن يكون (مباح) فلا يصح بالمغصوب بعد تملكه للمغصوب عليه، وسيأتي في التحجر بما يملك به الماء⁣(⁣٢)، فإذا قد صار مملوكاً فإنه لا يجزئ غاصبه التوضؤ به ولا نحوه؛ لأنه يكون عاصياً بنفس الطاعة، وهما لا يجتمعان، وليس كمن يطوف على مغصوب أو لبسَ مغصوبًا، فجهةُ طاعته غيرُ جهةِ معصيته كما ذلك مقرر في مظانه من كتب الأصول.

  فَرْعٌ: وأما لو توضأ في موضع مملوك بغير رضا مالكه، أو في منهل مسبل للشرب - فإنه يجزئ مع الإثم؛ لأنه عصى بغير الطاعة، فإن أخذه من المنهل وتوضأ خارجه فكذا يصح الوضوء، ويأثم؛ لأنه قد يوضع للوضوء⁣(⁣٣)، فتأمل.

  فَرْعٌ: وحكم النوبة إذا تقدم المتأخر بغير رضا المتقدم حكمُ الغصب في الإثم، ويجزئ التوضؤ بذلك؛ لأن صاحب النوبة الأول لم يكن قد ملك الماء بالنقل والإحراز، وإن كان الثاني غاصباً بالتقدم فجهة المعصية أيضاً غيرُ جهة الطاعة؛ وأما


(١) لكنه يأثم الداخل إلا بإذن مالكه أو ما في حكم الإذن، من جري عرف أو ظن رضا. (é). (شرح).

(٢) بالنقل والإحراز. (شرح).

(٣) في هامش شرح الأزهار: لأنه وضع للشرب لا للوضوء.