تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في دفن الميت وما يتعلق بذلك

صفحة 130 - الجزء 2

  (أو) يواري الميت (غيره) يعني: غير من يجوز له النظر، وذلك (للضرورة) وهو عدم من يجوز له النظر إما بالكلية أو عدم في المجلس وإن وجد في الميل ولم يتمكن من مواراتها، فحيث لم يوجد من يواري المرأة جاز للرجال الأجانب مواراتها بحائل كثيف، فإن لم يوجد فبالحائل الموجود ولو لم يكن إلا الكفن، وكذا النساء مع الرجل، ولا يجب استعمال الحبال لمواراة من لا يجوز النظر إليه، بل الحائل الكثيف كافٍ إن وجد، وإلا فالكفن كافٍ، وسواء عدمت الحبال أم لا، وإنما جاز إنزال الأجنبية اللحد دون الغسل لأن للغسل بدلًا، بخلاف المواراة بين التراب.

  فَرْعٌ: ومن مات من أهل الذمة تولى دفنه أهل ملته، فإن لم يوجد فالمسلمون، ويوجه إلى قبلتنا لا إلى قبلتهم وسواء كان يهودياً أو نصرانياً.

  (وتطيب) للحافر (أجرة الحفر) إذا طلبها، ولا تحرم عليه. ويستحقها إن شرطها أو اعتادها. وإنما جاز أخذ الأجرة على الحفر دون الغسل لأن في الغسل تأدية عبادة؛ ولذا لم يصح من الفاسق والكافر، بخلاف الحفر.

  (و) يطيب أيضاً أخذ الأجرة على (المقدمات) وهي حمل الميت والأحجار وتأدية الماء والإدلاء في القبر.

  وضابطه أنه يجوز أخذ الأجرة على جميع ما يحتاج إليه الميت - وتكون من ماله، وإلا فمن منفقه، وإلا فمن بيت المال - إلا على الغسل فقط، وذلك على الواجب منه فقط فيحرم أخذ الأجرة عليه؛ لأنه من أحكام الصلاة، فهو تابع لها.

  مَسْألَة: والواجب مواراته، وأقلُّ ما يجب حفرة تمنعه من السباع؛ إذ يجب حفظه منها ولو بأجرة ولو قد صار محفوراً له، كما يخاف من النباش في بعض المحلات - وتكون الأجرة من مال الميت إن لم يكن له منفق كما مر في الزوج، وتكون من رأس المال؛ إذ هي من تمام تجهيزه، ثم على المنفق، ثم على بيت المال، إلا الزوجة فتجب على الزوج ابتداء ثم في مالها. ولتكن الحفرة مانعة من ريحه أن ينتبش؛ فلذا لا يكفي غير حفرة كصندوق، وكذا جعله في الأرض وإلقاء حجارة عليه، وكذا البناء عليه وإن منعت من السبع وظهور الريح؛ لأن ذلك لا يسمى دفناً؛ إذ الدفن الإلقاء في حفرة