تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان ما يجب به الصوم في رمضان والإفطار، وكيفية الصوم، وشرائطه، وما يتبع ذلك من الأحكام

صفحة 370 - الجزء 2

  الخلوف. وإكثارُ صوم الشتاء، فهو الغنيمة الباردة، وقد ذكر الاعتكاف هنا وصوم الشتاء استطراداً، وسيأتي ذلك⁣(⁣١) زيادة إن شاء الله تعالى.

  (و) يندب للصائم أيضاً (توقي) ما كان من الأمور (مظان الإفطار) ويجب إن خشي الفطر بمقاربة ذلك، فيندب له أن يتحرى عن الطعم للأشياء المطعومة بلسانه، وعن مضاجعة أهله في نهار رمضان، ومقدمات الجماع، ومفاكهة الحسناء من نسائه وإمائه، سيما للشباب، بل لا يبعد وجوب ذلك على مَن غلب على ظنه إن فعل وقع في المحظور، ولا يندب لمن لا تتحرك شهوته في ذلك؛ لعدم الخشية منه.

  وينبغي له أن يتحفظ في نهاره عن مقاربة المطعوم والمشروب والمأكول؛ لئلا يسهو فيصيب ما يمنع صحة الصوم، وأن يتحرز عند المضمضة والاستنشاق من دخول الماء في حلقه ووصوله إلى خياشيمه؛ لقوله ÷ في حديث: «أسبغ الوضوء وخلل الأصابع، وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً» والمبالغة في المضمضة أن تكون ثلاثاً، ولعل الاولى للصائم أن يترك التثليث في ذلك ويترك المبالغة، ولو وصل إلى جوفه من فيه أو خياشيمه فسد صومه وعليه القضاء ولو بغير اختياره⁣(⁣٢)؛ لأنه تعمد السبب كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى. ويعفى عن اليسير، فيجب عليه أن يبصق جميع ما يبقى في الفم، ولا تقدير للبصق بالمرات على الصحيح ولا بغالب الظن، بل حتى يتيقن أنه لم يبق من الماء إلا ما يعفى عنه، وهو: ما لا يمكن وصوله إلى الجوف على انفراده.

  وينبغي له أن يتحرز من دخول الغبار والذباب إلى فمه؛ لأنه قد يجتمع الغبار فيصير بحيث يمكنه إخراجه باليد أو بالريق ويصل على انفراده إلى الجوف فيفطر بذلك. فإذا دخل شيء منهما بغير اختياره لم يفسد صومه إلا أن يتعمد السبب، وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى في موضعه.


(١) لعلها: لذلك.

(٢) في المخطوط: ولو باختياره، وهو غلط.