تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان مفسدات الصوم وما يلزم من فسد صومه

صفحة 376 - الجزء 2

  غيره، بغير اختياره أو باختياره، وكالحقنة، وهي إدخال الدواء من الدبر فإنه لا يفسد الصوم وإن وصل الجوف.

  والثالث: أن يكون ذلك الواصل جرى في الحلق (من خارجه) فلو جرى في الحلق لا من خارجه لم يفسد الصوم، كالنازل من الدماغ أو العين من كحل أو غيره أو الخيشوم - وهو أقصى الأنف - كالنخامة إذا نزلت من ذلك فإنها لا تفسد، وقد قدر المعفو عنه بأن تنزل النخامة أو نحوها من مخرج الخاء المعجمة بواحدة من أعلى، وكذا القيء إذا رجع إلى المعدة من ذلك المخرج ولو تعمدًا، أو رده من ذلك الموضع عمداً، وكذا ما نزل من الأذن، والمراد بذلك أن ما نزل من الدماغ والعين والأنف والأذن من الفضلات الحادثة منها إلى الحلق فلا يضر إلا أن يخرج إلى محل التطهير ويرجع بفعله أو سببه أفسد من غير فرق بين النخامة وغيرها، لا ما كان من غير الفضلات كما يصب في الأنف أو الأذن فإنه لا يعفى عنه إن وصل الجوف، لا ما وصل إلى الدماغ فقط فإنه لا يضر، وأما من العين فلا يضر سواء كان من فضلاتها أو من الذرور في العين أو غيره ولو وصل الجوف ولو أمكن الاحتراز منه، فهو خاص في العين؛ لورود الأثر بالاكتحال من غير فرق، ويقاس عليه غيره، هذا ما ظهر للحقير، والله أعلم.

  الشرط الرابع: أن يكون وصول ذلك إلى الجوف (بفعله) يعني: فعل الصائم وهو ظاهر (أو) لم يكن له فعل في ازدراده لكنه دخل فمه (بسببه) وذلك كأن يفتح فاه لدخول المطر أو غيره فيدخل ما قصد دخوله أو غيره فإنه يفسد صومه بوصوله جوفه، وسواء ازدرده بفعله أو بغير فعله؛ لتعمد سببه، وأما لو فتح فاه للتثاؤب فدخل ذباب أو غيره من مطر أو نحوه: فإن بقي له فعل في ازدراده فسد صومه بذلك، وإن لم يبق له فعل لم يفسد، وكذا لو فتح فاه لغير سبب رأساً فكما لو فتحه للتثاؤب، لا يقال: إنه لا يفسد صومه بقصد دخول الذباب لأن للذباب فعلًا قلنا: لا تاثير لفعل الذباب بعد قصد السبب، كما لو و ضعت المرأة عند طفلها ناراً فاحترق بها فلا تأثير لفعل الصبي، وتضمن تلك الجناية.