(فصل): في بيان مفسدات الصوم وما يلزم من فسد صومه
  ومن السبب أن يتعمد القيء فيرجع منه شيء بعد وصوله فمه - أعني: موضع التطهير - فإنه يفسد صومه بذلك، وسواء كان له فعل في إ رجاعه أم لا.
  وحاصله: إما أن يرجع إلى الجوف من القيء شيء أم لا، إن لم يرجع لم يفسد مطلقاً تعمد إخراجه أم ابتدره، وإن رجع إلى جوفه: فإما أن يرجع باختياره أو لا، إن رجع باختياره فسد صومه سواء تعمد إخراجه أم لا، وإن رجع بغير اختياره فإما أن يتعمد السبب فسد الصوم؛ لذلك، وإن لم يتعمد السبب لم يفسد.
  ومن صور السبب أن يتعمد إخراج النخامة، وهي كالقيء في الرجوع منها أم لا، وفي ابتلاعها بالاختيار أم لا، وفي تعمد إخراجها أم لا، فتأمل، والله أعلم.
  نعم، فإن لم يكن وصول ذلك إلى جوفه بفعله ولا سببه فإنه لا يفسد صومه بذلك، وذلك كمن أوجر ماء ولم يبق له فعل في الدفع ولا فعل في الازدراد، بل وصل جوفه بدون ابتلاعه، فإن بقي له فعل في الدفع عن إيجاره أو فعل في ازدراده - بأن ابتلعه بعد الإيجار كرهاً - فإنه يفسد صومه بذلك الابتلاع ولو ابتلعه خوفاً من الموجِر له، ولو خشي القتل أو خشي إن لم يبتلعه الشرقة؛ لأن المراد هنا فيما يفسد به الصوم لا الإثم وعدمه، وإن كان بالابتلاع لخشية الشرقة أو القتل سقط عنه إثم الإفطار، إلا أنه يجب القضاء. وكمن جومعت مكرهة لم يبق لها فعل في ذلك رأساً أو نائمة فإنه لا يفسد صومها بذلك وإن لم تكن هذه الصورة مما نحن فيه، وهو ما وصل الجوف، وقد تقدمت أيضاً، إلا أنها ذكرت هنا استطراداً لمن لم يبق له فعل في سبب الإفطار، فإن دخلت قاصدة للوطء أو إلى من تعلم أن سيفعل فسد صومها بوطئه لها ولو لم يبق لها فعل؛ لفعل السبب، وكمن دخل على قوم يعلم أنهم يوجرونه ماء ولا يبق له فعل في ابتلاعه، فافهم، فهما كمن اغتسل أو سَبَحَ فدخل الماء إلى جوفه من ذلك فلعله يفسد صومه؛ لتعمد السبب.
  مَسْألَة: من لا يمكنه إنقاذ الغريق إلا بأن يفطر أو يقطع الصلاة وجب عليه ذلك، وكذا يأتي في إنقاذ سائر الحيوانات المحترمة، فإن لم يفعل فسدت الصلاة كما مر، لا الصوم، والفارق أن المانع هي الصلاة نفسها فلا يكون مطيعاً بنفس المعصية،