تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان مفسدات الصوم وما يلزم من فسد صومه

صفحة 378 - الجزء 2

  بخلاف الصوم فليس هو المانع. وليس كمن صامت مع الخشية على رضيع أو جنين؛ لأن المؤثر في الرضيع والجنين هو نفس الصوم، لا في إنقاذ الغريق، فافهم.

  مَسْألَة: ولا يفسد الصوم ما يعرض في النهار من الإغماء أو الصرع أو الجنون إن لم يقع منه ما يفسد الصوم. ولا يفسده نية الإفساد أيضاً، ولا فعل الكبيرة التي لم تكن مفسدة بنفسها، كشرب الخمر والزنا، وذلك كالقذف ونحوه، ما لم تكن المعصية ردة فإنها تفسد، والحمد لله رب العالمين.

  نعم، فمن فعل شيئًا من هذه المفسدات فسد صومه (ولو) فعله (ناسياً) لصومه فإنه لا يكون النسيان عذراً له، بل يلزمه القضاء (أو) كان في ذلك الفعل (مكرهاً) عليه بالوعيد أو نحوه من القادر فإنه لا يكون الإكراه موجبًا لعدم الفساد ولو خشي منه القتل أو نحوه وإن كان عذراً في عدم الإثم، فيلزمه القضاء مهما بقي له فعل مع الإكراه أو سبب كما مر أو تمكين، ولو كان الذي تناوله أيضاً مما لا يؤكل في العادة ولا يشرب، كالحصاة ونحوها، ولو من المضمضة والاستنشاق أيضاً بغير اختياره؛ لأنه اختار سببه.

  (إلا) أنه استثني مما يصل الجوف أمور فإنه لا يفسد بها الصوم:

  الأول: (الريق) فإنه لا يفسد الصوم وسواء كان قليلاً أم كثيراً، إلا أنه يكره ازدراد الكثير؛ لتمكن الاحتراز منه. وأما البلغم فإنه كالنخامة والقيء، وفيه ما فيهما من التفصيل، سواء كان غير المعتاد أم قدره، كثر أم قل. واشترط في عدم الإفساد بالريق أمران: الأول: أن يكون على انفراده، فلو صحبه غيره أفسد، كالدم ونحوه سواء كان طاهراً أو نجساً كما مثلنا بالدم، ويعتبر في الدم ونحوه أن يمكن وصوله الجوف على انفراده، وإلا لم يضر كما يأتي في الخلالة، ولو طهر عند الريق المحل فإنه لا يضر أيضاً.

  الثاني: أن يكون نزوله إلى الجوف (من موضعه) الذي هو الفم، فأما لو كان قد تعداه بأن خرج إلى خارج الشفتين بحيث لو أطبقهما لكان خارجاً وازدرده فسد صومه بذلك، كما لو أخرجه على رأس السواك أو إلى يده أو إلى ظاهر الشفتين أو نحو