(فصل): في بيان من يلزمه القضاء، وحكم من لم يقض حتى أتى الحول
  أيام كفره وإن قلنا: إنه مخاطب به؛ لسقوطه عنه بالإسلام. وقولنا: «مستمر في إسلامه» نحترز بذلك ممن ارتد بعد ترك الصوم فبإسلامه يسقط عنه وجوب القضاء كالكافر، ويلحق به من أفطر في رمضان لغير عذر استخفافاً أو استحلالاً فإنه يكفر بذلك ولا قضاء عليه بعد الإسلام، وكالكافر المتأول. واحترز بـ «بعد تكليفه» عن الصبي والمجنون جنوناً أصلياً، وهو أن يكون قبل البلوغ ويستمر إلى بعده فإنه متى أفاق لم يلزمه قضاء ما تركه حال الصغر والجنون بعد بلوغه الذي هو كذلك أصلي، ومثلهما الأخرس الذي لا يهتدي لو صح من بعدُ لم يلزمه القضاء. وبقوله: «ولو لعذر» يشير إلى أن الأعذار المبيحة للإفطار في رمضان لا يباح معها ترك القضاء، بل يلزم تارك الصوم لأجلها أن يقضي بعد خروجه، وسواء كان ذلك العذر يصح معه الصوم كالمرض والسفر أم لا كالحيض ونحوه، ويدخل في ذلك النفساء والحامل والمرضع وإن كان الإفطار واجبًا عليهما، وكذا المغمى عليه في أيام رمضان ولم يفق إلا بعد مضي وقت النية كالذي يستمر معه من الغروب إلى الغروب أو أياماً عديدة، ويدخل في ذلك المجنون جنوناً طارئاً، وهو الذي يكون بعد البلوغ، فمن جُنَّ كذلك في شهر رمضان فقط أو أعواماً كثيرة مضت عليه وهو كذلك فإنه يلزمه إن شفي منه أن يقضي ما فات عليه من الصوم حال ذلك؛ إذ هو كالأعذار من غيره.
  إن قيل: كيف أوجبتم عليه قضاء الصوم ولم يجب قضاء الصلاة على من كان كذلك؟ فهو يجاب لأهل المذهب بأنه هنا مرض، وهي تجب العدة من أيام أخر فيمن اتصف بذلك، ولم تلزمه الصلاة؛ لرفع القلم عنه بالجنون، والله أعلم.
  وقوله: «بنفسه» يشير إلى أنه لا يصح أن يقضي عنه أحد في حياته وقبل الإياس من زوال علته، وبعد الموت أيضاً أو حصول اليأس منها، فلا فرق عندنا في جميع الحالات أنه لا يصح أن يصوم عنه غيره كالصلاة، إلا أن يوصي أن يصوَّم عنه وكان مذهبه ذلك كما يأتي وجب امتثاله، والله أعلم.
  واعلم أنه لا بد أن يكون قضاء ما فات من الصوم الواجب من رمضان أو نذر معين (في) زمان (غير واجب الصوم) فيه، فلا يصح القضاء في رمضان عنه، ولا