(فصل): يتضمن حكم من أيس عن إمكان الصوم
  وكذا الأكل والجماع، فالواجب على من بلغ به الحال ذلك وجب عليه (أن يكفر) عما يجب عليه من الصوم، وذلك (بنصف صاع) من أي قوت كان (عن كل يوم) لزمه صومه وأيس من إمكان صومه، وسواء في ذلك البر وغيره؛ وتصرف هذه الكفارة أيضاً تمليكاً، فلا يجزئ الإطعام عنها إباحة كغيرها. وهذه الكفارة تخرج من رأس المال إن أيس وهو صحيح من المرض غير الشيخوخة ونحوها، وإن لم يحصل الإياس إلا بعد المرض المخوف فكسائر الواجبات التي تنتقل إلى المال بعد تعلقها بالبدن تخرج من الثلث. وإذا لم تخرج هذه الكفارة حتى حال عليه الحول فلا فدية عليه للحول؛ لأنها الواجبة عليه من الأصل؛ لما مر، والله أعلم.
  (و) هذه الكفارة عن الصوم للإياس (لا يجزئ التعجيل) بها، بل تخرج بعد حصول سببها، وهو الإفطار، فيخرجها عن كل يوم بعد إفطاره أو بعد مضيه بغير نية الصوم، وهذا بناء على أن العذر عن الأداء، وأما عن القضاء فقد لزمت ووجد سببها، وهو الفطر، فيجزئ إخراجها دفعة واحدة، والله أعلم.
  (و) من خشي دنو الموت قبل التمكن من التخلص من هذه الكفارات اللازمة بسبب الصوم بحول الحول أو بعدم الصوم أو غير ذلك فإنه (يجب) عليه (الإيصاء بها) أو لم يوص بها فيخرجها الوارث إن لم يكن وصي من ماله إن كانت تخرج من رأس المال، وإن كانت من الثلث لم تخرج عنه إلا بوصية.
  (ويحمل) الإيصاء (عليه) يعني: على إخراج الكفارة عنه، إذا قال: (عليَّ صوم) فهذا اللفظ يحمل على أنه أراد أن يخرج عنه الكفارة، ولفظ «صوم» يحمل على يوم، و «صيامان» على يومين، و «صيامات» على أقل الجمع، وهي ثلاثة، ولا يحمل هذا اللفظ على أن يستأجر من يصوم عنه كما لو قال: «كفروا عني» (لا) إذا قال: (صوِّموا عني) فإنه صريح بأن يستأجر من يصوم عنه، فيجب على الوصي ذلك، وإن كان مذهب الوصي عدم صحة الاستنابة في الصوم فلا حكم له مع تعيين الموصي. ويكون الأجير عدلاً. والمراد هنا أنه إن عرف من قصد الموصي شيئاً من الأمرين عمل به من دون نظر إلى اللفظ، وإن لم يعرف أحدهما من قصده حمل الكلام على