تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الوضوء)

صفحة 108 - الجزء 1

  إن قيل: التسمية فرض، فهل ينوي عندها فقد أجزتم تقديمَها، أو لا ينوي فقد خرج بعض فروض الوضوء من النية؟ فيقال: هو فرض لم يقصد لنفسه فينوى له، وإنما قصد لغيره - وهو الوضوء - فتقدم على جميع فروضه، ومنها النية، فمحل التسمية قبل النية، فافهم.

  (و) الفرض الثالث: (مقارنة أوله) يعني: أول الوضوء، ولو كان ذلك المقارنة له النية⁣(⁣١) مسنوناً، كغسل اليدين بعد إزالة النجاسة من الفرجين؛ لأن الفروض مترتبة على الشروط، وتلك المقارنة (بنيته) يعني: بنية الوضوء.

  والنية هي: إرادة مؤثرة في الفعل مقارنة لأوله أو لجزء منه أو متقدمة، فاعلُها وفاعلُ المراد واحد. فـ «المقارنةُ» نحو: نية الوضوء و⁣(⁣٢) التيمم والغسل والحج.

  وقولنا: «أو لجزء منه» لتدخل فيه نية صوم رمضان ونحوها.

  وقولنا: «أو متقدمة» ليدخل فيه نية الصلاة قبل التكبيرة ونحوها.

  وقولنا: «فاعلها وفاعل المراد واحد» لتخرج إرادة فعل الغير، فإنها لا تسمّى نية له.

  وهي أيضاً: القصد والإرادة الموجودان في قلب المكلف، لا مجرد اللفظ ولا مجرد الاعتقاد والعلم.

  وأصلُ وجوبها قولُه تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}⁣[البينة ٥]، والوضوء عبادة؛ لقوله ÷: «الوضوء شطر⁣(⁣٣) الإيمان» والإيمانُ الصلاة؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}⁣[البقرة: ١٤٣] أراد الصلاةَ إلى بيت المقدس، فكأنه قال: الوضوء شطر الصلاة، وهي تفتقر إلى النية، فكان مثلها؛ لأنها⁣(⁣٤) عبادة، والعبادة من حقها القربة، والقربة لا تكون قربةً إلا بالنية.


(١) في (ب): «المقارن للنية».

(٢) في (ج): «أو».

(٣) في (ج): «شعار». وهو غلط.

(٤) كل النسخ هكذا، والصواب: لأنه؛ كما هو في الشرح.